مبارك يستعرض القراءات التاريخية ل “حاضر البحرين”

13301189291

صحيفة البلاد، السبت 25 فبراير 2012

استعرض الكاتب محمود آل مبارك مجموعة من القراءات التاريخية، حول كتاب “حاضر البحرين” الذي يتعلق بمحور المحاضرة بـ “ماضي البحرين وحاضرها” التي ألقاها مبارك في جمعية تاريخ وآثار البحرين، إذ قال “لقد اعتمدت على ذاكرتي لما رأيته مكتوباً في المخطوطة التي كان يحتفظ بها الوالد قبل أن تنتقل إلى طور الطباعة، والأظهر أن الكتاب هو جهد غير مكتمل رغم أن المطبوع منه هو أقل مما في المخطوط. إذ احتوى المخطوط على قصائد عديدة موجودة في الديوان كذلك، ثم احتوى على قصيدة طويلة له تسمى بسفر الكون وجدته يعارض فيها قصيدة ايليا ابو ماضي “لست ادري”، إلا أنها تدور في اليقين لا في الشك والتساؤل، ويختم كل أربعة أبيات بنفس النسق ولكنه يقول “إلا من قدير”، ثم يتكلم عن الفصول والطوالع والبروج والنحوس والسعود فيفصلها في نثره وشعره، ثم يفرد باباً مختصراً في الأوزان والعملات في البحرين.
ورأى مبارك أنه تطفل على تخصص التاريخ في هذه المرة، رغم أنه خريج محاسبة، وذلك لعدة أسباب أحدها “أنه يجب أن يقع التاريخ في دائرة اهتمام كل منا، ربما لوصية الخليفة الإمام علي عليه السلام لابنه الخليفة الإمام الحسن” “أي بني، إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إلى من أمورهم، عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كل أمر نخيله، وتوخيت لك جميله، وصرفت عنك مجهوله “لذا انطبق على قراءة التاريخ ما قيل في الأثر من أن “الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهي له” فهو كما ينطبق على استقصاء أقوال الآخرين من الناس المتباعدين في العرق والدين والمكان، فكذلك ينطبق على المتباعدين في الزمان، بل ربما كان الأولى لئلا نعيد اختراع العجلة من جديد، بل نبدأ من حيث انتهى غيرنا، غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون، وربما كان بسبب المقولة التي نتناقلها كثيراً لقائلها المؤرخ اليوناني “توسيدس” وهي أن التاريخ يعيد نفسه، لذا كان لزاماً علينا أن نبحر ما امكننا و لو بالقدر الميسور في باب التاريخ وبين صفحاته وسطوره”.
وأبحر مبارك في طيات كتاب “حاضر البحرين” وهو من تأليف جده الشيخ ابراهيم بن الشيخ ناصر آل مبارك وهو يشتمل على بعض ملامح البحرين ويقع في الابواب التالية وهي: مقدمة موجزة عن البحرين، حكام البحرين، بلدان البحرين، مزارات البحرين، القضاء في البحرين، الجمعة في البحرين، المدارس في البحرين، أئمة الجماعة في البحرين، وطبع هذا الكتاب عام 2004 من خلال مركز الجلاوي للدراسات والبحوث في البحرين والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
وأوضح أن “السلف الماضون اهتموا بها وبحثوا عن ماضيها بما فيه من تاريخ وحوادث ورجال وعلماء واشراف الى زمن قريب فسنح لي ان اذكر في هذا الكتاب ما تيسر لي تتمة لما ذكروا من الماضي وانتهوا فيه الى قريب من الحاضر ليتصل حاضرها بماضيها ولعلي بعد ان ياذن اللّه لي ويشاء اعود للماضي بنظرة اخرى فاجعله كجزء اول لهذا الكتاب فيستحق ان يسمى الجميع مَاضي البحرين وحاضرها.
وذهب مبارك موضحاً “كانت البحرين قبل الإسلام تحت استعمار الفرس تبعا للعراق يوم كان ملكها النعمان بن المنذر بن ماء السماء وعاملها المنذر بن ساوى واسلم المنذر بن ساوى بكتاب جاءه من الرسول واسلم معه قوم وبقي آخرون فكان بين المنذر وبينهم وقايع وحروب تكون الدائرة فيها للمنذر حتى عم الاسلام ما يقال عليه اسم البحرين ولم تزل امارة في الخلفاء واختلفت عليها الامراء بعد المنذر ففي زمان ابي بكر العلاء بن الحضرمي سنة 12 وفي زمان عمر قدامة بن مظعون اميرها وابو هريرة على الخراج سنة 14 وفي زمن عثمان عثمان بن ابي العاص الثقفي سنة22، وهكذا دواليك، وسلط مبارك ضوءه على ما جاء من أسماء المناطق لمملكة البحرين والتي استسقت من حروف المعجم، قائلا “اوال وبها سميت البحرين جزيرة اوال وفيها مساكن الشركة والعمال وهي قريبة من جبل الدخان وتسمى اليوم عوالي ابو خفيه كحصير من بلاد القديم واعلم ان ما سمي به من الكنايات فهو من الاعلام المضافة وجار مجرى الحكاية فالجزء الثّاني مجرور بالاضافة والجزء الاول مبني على وضعه مرفوعا او غيره من باب الحكاية فتقول هذه ابو خفير ودخلت ابو خفير وسكنت في ابو خفيه ولذا تراه مذاكرا باللفظ مؤنثا بالمعنى ابو اصيبع مصغر اصبع والنسبة اليها اصبيعي وهي مسكن الشيخ احمد بن الشيخ محمد بن علي وفيها قبره، ابو غزال بفتح الغين المعجمة والزاي المنقوطة مخففة وهي اليوم خراب ابو زيدان بكسر الزاي وسكون الياء المنقطة نقطتين من تحت خراب لم يبق منها الا الحكام وهي قريبة من سوف الخميس غربا عنها ابو عنبرة مقبرة واسعة قريبا من جامع الخميس وفيها مدافن كثير من العلماء كما سياتي في فصل الزارات وهي تابعة لبلاد القديم ولم نعرف في قربها بلادا تسمى لهذا الاسم ابو ماهر جزيرة قرب المحرّق وفيها قلعة قديمة هدمها المعتمد البريطاني ابو محارة جنوبا عن المقشاع وهي خراب الآن”.
وعن القضاء في البحرين مضى مبارك بقوله “فقد كان في الزمن السابق امارات ووزارات وقضاة لا يسع ذكرها فقد كان مثل السيد هاشم في توبلي والشيخ عبداللّه بن صالح في سماهيج والسيد عبدالرؤوف والسيد ماجد الصادقي استاذ السيد نعمة اللّه الجزائري في جدحفص والشيخ علي بن سليمان في القدم والشيخ محمد بن ماجد في البلاد القديم والشيخ حسين العصفوري واقاربه في الشاخورة وامثالهم ونكتفي بما تيسر لنا العلم عنه من المتأخرين والمعاصرين قصدنا في ذلك كله هو القضاء الشرعي وجرت عادة الناس بسبب انقيادهم للدين واعتقادهم الجميل في الحكومة الشرعية يرجعون في المرافعات الى اي عالم كان فيحكم بينهم فيسلمون اليه ويعتقدون انه حكم اللّه والمخالف له مرتد عملا بحديث انظروا الى رجل روى حديثنا وعرف حلالنا وحرامنا فاجعلوه عليكم حكما فانا جعلناه عليكم حاكما الراد عليه كالراد علينا والراد علينا كالراد على اللّه والراد على اللّه على حد الشرك باللّه ولا يخرج عن هذه القاعدة الا متمرد على الشرع مصر على ان لا يسلم الا للحكم الجبري من قضاء القاضي الرسمي ومن الشواهد على ذلك القصة التي شاهدتها وهي ان رجلا من بلادنا الهجير يقال له رضي بن الحاج علي ترافع مع خصم له الى اخي الشيخ محمد فكان نهاية الحكم ضد رضي فابى قبول الحكم ورفضه وشاغب خصمه فالتجأ الخصم الى الشيخ احمد بن حرز وحكى له قصّة حكم الشيخ محمد وتمرد رضي فارسل الى رضي واحضره وقال له مالك رددت حكم الشيخ محمد فقال اني لا اعترف به ولا احفل بحكمه فغضب الشيخ احمد وزبره وطرده من مجلسه وقال انت مرتد وتحرم مبايعتك ومعاملتك فهجرته بلاده وقاطعته فالتجأ الى اخي واعتذر اليه فعفى عنه بل ان بعضهم ليتمرد على القاضي الرسمي بما عنده من العزة اما من جهة عشيرته او غناه او نفوذ كلمته عند الحاكم او الامير فلا يقبل الا حكمهما وهذه هي الحمية الجاهلية او العزة بالأثم حتى تطورت الحالات ورسمت المحاكم وعين موضع المحاكمات والمرافعات الجبرية والشرعية مع انتشار التمرد في الناس فلم يقبل من القاضي الشرعي الا بتحويل الدعوى اليه من المحكمة الجبرية ولا ينفذ حكمه الا بإرجاعه الى محكمة التنفيذ الاجبارية وكان من تطور القضاء الشرعي والعدلي ان المحكمة لابد ان تحتوي على اعضاء من الاثنين فصاعدا ولا ينفذ حكم القضاء لواحد بتاتا لا في صغيرة ولا كبيرة فالحكم منهم بمنزلة الشورى وفوق هذه المحاكم محكمة الاستئناف عند محكمة كبرى في العدلية ومحكمة التمييز في الشرعية وبالجملة فان القضاء الشرعي بالامس غيره اليوم ففي زمن الشيخ عيسى بن علي القضاة الشرعية الشيخ محمد علي في منطقة سترة والشيخ احمد بن سلمان العصفوري في منطقة الشاخورة والشيخ جاسم بن مهزع في منطقة المنامة للقضاء السني حتى توفي المرحوم الشيخ احمد بن عصفور وبقي محله شاغرا غير ان المرافعات ممكنة عند اي عالم وان لم يكن رسميا حتى جاء الشيخ خلف البحرين”.

أضف تعليق

مرايا التراث

في تاريخ وتراث البحرين