Monthly Archives: 15 جوان, 2014

علماء من البحرين خدموا في الدولة الصفوية

 images

حسن سعيد

صحيفة الوسط البحرينية

يمكن التعرف على موقف علماء البحرين من قيام الدولة الصفوية من خلال موقفهم العملي من هذه الدولة ومستوى التعامل معها. كثير من علماء البحرين هاجروا إليها وتقلّدوا فيها مناصب رسمية كمشيخة الإسلام أو القضاء، أو ساهموا في بنائها المعرفي من خلال التدريس والتأليف والترجمة والفتيا، وإقامة صلاة الجمعة والجماعة والمساهمة في نشر المذهب الإسلامي الشيعي.

في المقابل، فإن الكثير من علماء البحرين أيضاً قد هاجروا للاستفادة منها ثم العودة إلى البحرين لكونها قد أصبحت إحدى مراكز العلم الديني، خصوصاً بعد استقطابها لبعض كبار العلماء من أمثال الشيخ الكركي والشيخ حسين بن عبد الصمد والشيخ البهائي والشيخ المجلسي وغيرهم. هناك إذاً استفادة متبادلة بين الطرفين، إذ أفاد علماء البحرين الدولة الصفوية كما استفادوا منها.

منذ قيام الدولة الصفوية وإعلانها التشيع، ارتبطت هذه الدولة بعلماء الشيعة، ومنهم علماء البحرين. وامتد عمر الدولة الصفوية منذ العام 1501 حتى 1736م. وقد حكم الصفويون البحرين مابين 1602 الى 1700 و1717 (ابتدأ في عهد الشاه عباس الأول، مع انقطاع لفترة نحو 20 سنة في النصف الثاني من القرن السابع عشر، انهار في البحرين العام 1700 م بداية بسبب عدة غزوات خارجية تسبت في خراب البحرين، وثم انتهى بصورة كاملة من البحرين في 1717 وذلك قبل ان ينهار في ايران في 1736).

أما من الناحية العلمية والثقافية فيمكن أن يكون تاريخ قيام الدولة الصفوية وإعلانها للتشيع مذهباً، هو بداية العلاقة بين البلدين على مستوى علماء الدين. وإذا كانت الدولة الصفوية قد سقطت بصورة نهائية في 1736، فهذا لا يعني أن الارتباط العلمي والثقافي قد انتهى في ذلك التاريخ. سقطت الدولة وبقي التشيع لمذهب أهل البيت قائماً حتى يومنا هذا.

Continue reading →

مروزان: حيث معبد الإله إنزاك

main_fdd-1

بقلم حسين محمد حسين
الوسط البحرينية

لقد سبق أن أوضحنا في سلسلة المقالات التي نشرناها هنا تحت عنوان «الجذور»، أن تاريخ دلمون يجب أن تعاد صياغته في ضوء الدراسات الحديثة. فقد كشفت تلك الدراسات عن نموذج نمو وتطور دولة دلمون بصورة مغايرة لما نشر في السابق. فمنذ أن تأسست دولة دلمون في النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد، بدأت تكون لها ثقافة وهوية خاصة بها، حتى تحولت الدولة الصغيرة إلى مركز يحكم إقليماً كاملاً عرف باسم إقليم دلمون. لقد تحولت جزيرة البحرين إلى مركز يتحكم في إقليم جيوسياسي كان يتحكم في التجارة في مياه الخليج العربي، أي أن البحرين أصبحت مركز قيادة، وهذا المركز بدأ يغري كل من تستهويه فكرة السلطة أو بسط النفوذ. فبدأت العديد من الشعوب تتوافد على البحرين، وفي أقل من مئتي عام تضاعف عدد السكان إلى ثلاثة أضعاف؛ وذلك من خلال دراسة الزيادة في أعداد القبور بحسب الحقب الزمنية مع افتراض ثبات معدلات الولادة والوفاة ومتوسط العمر (Laursen 2009). ويرى Laursen، من خلال تحليله لتلال القبور وتوزيعها وأشكالها أنه حدث نزاع على السلطة المركزية في البحرين وقد أدى هذا النزاع إلى ظهور دويلات دلمون في جزيرة البحرين نفسها ولكل دويلة ملك يحكمها ويسعى لتكوين سلطة مركزية يحكم بها إقليم دلمون بأكمله (Laursen 2008).

في ضوء هذا التحليل يمكننا أن نستنتج أنه إبان الحقبة الدلمونية في جزيرة البحرين كان هناك عدد من المدن الدلمونية التي انتشرت في أرجاء البحرين، وكان لكل مدينة ملك يحكمها وله قصر ومعبد، ولكن أين هي تلك المدن والقصور والمعابد؟ ان تلك الآثار منتشرة بين القرى أو تحت القرى المنتشرة حالياً في البحرين، إلا أننا لم نسمع عنها، فلم توثق عنها معلومات بصورة دقيقة. وفي هذه السلسلة عن تاريخ القرى لابد لنا أن نتطرق لما تخفيه كل قرية من أسرار، بدءاً بالتاريخ القديم. وقد بدأنا حديثنا في الحلقة السابقة عن مقبرة مهمة (لم يبقَ منها إلا الشيء القليل) كانت منتشرة بين جدحفص ومروزان والمقشع والحجر. وحول هذه المقبرة توجد مدينة دلمونية، وقصر لملك دلموني، وكذلك ربما يوجد معبد دلموني. هذه المقبرة لا تقل أهمية عن غيرها من المقابر الدلمونية؛ فهي تحتوي على أقدم قبر عرف في البحرين، يعود تاريخه لما قبل تأسيس دولة دلمون. فهل نشأت دلمون في هذه الأطراف ثم انتقلت لموقع قلعة البحرين؟ ربما. سوف نتتبع حدود هذه المقبرة المهمة وما يحيط بها من قرى وكذلك سوف نتطرق لتاريخ كل قرية وأهميتها.

Continue reading →

قرى البحرين المطموسة: بين الفرضيات الأسطورية والتاريخ «الخرافة»

main_fdd-3

بقلم حسين محمد حسين
الوسط البحرينية

لو قُدِّر لنا أن نشاهد صوراً جوية لقرى البحرين قبل مئة عام، لتمكنا من رؤية عشرات المقابر الأثرية التي تضم عشرات الآلاف من القبور، كلها تحيط بمواقع القرى القديمة. فعلى الساحل الشمالي لجزيرة أوال تمتد تلال القبور بدءاً من جدحفص وتمتد غرباً حتى قرية المرخ، ثم تستدير وراء قريتي بني جمرة والقريَّة وتصل إلى سار ثم الهملة، وبعدها يتواصل امتدادها على الساحل الغربي لجزيرة أوال بدءاً من الدمستان وحتى منطقة المرخ التي تقع بعد رأس الجزائر. أما على الساحل الشرقي، فتنتشر قبور أثرية أخرى في أبي عشيرة وجزيرة النبيه صالح، وتمتد جنوباً حتى خليج الفارسية. وكذلك في وسط جزيرة أوال، نشاهد عشرات الآلاف من تلال القبور، بدءاً من بر سار وتمتد حتى توبلي وعالي والمنطقة التي شيدت بها مدينة حمد وكذلك المنطقة التي شيدت بها مدينة عيسى (Andersen 2007) ،(During-Caspers 1980) ،(Porter and Boutin 2012) ،(Salles 1984). كل تلك القبور كانت موجودة قبل مئة عام. أما في الوقت الراهن فلم يبق من هذه القبور شيء، فقد نهب ما نهب منها، وجرف ما جرف، وطمس ما طمس من آثارها. أما الآثار التي كانت بها فقد وضعت في مخازن لا يمكن الوصل إليها، إما في متحف البحرين أو المتحف البريطاني أو متحف هيرست في كالفورنيا (During-Caspers 1980) (Porter and Boutin 2012).

إن هذه الصورة المأساوية لوضع التراث الوطني البحريني يعطي تخويلاً صريحاً لجهة رسمية واحدة تكون هي الوحيدة القادرة على كتابة تاريخ البحرين القديم بصورة علمية، ليس لأنها تمتلك الكوادر المؤهلة، بل لأنها تحتكم على الآثار في مخازنها. والمؤسف أن هذه الجهة الرسمية، أو المحسوب عليها، لا تنشر إلا نتائج منتقاة، لا تعطي صورة كاملة عن تاريخ البحرين القديم بل تعطي صورة منتقاة له. بل إن بعض الكتاب بدأ بصياغة فرضيات أسطورية تؤطر لكتابة تاريخ البحرين القديم. وعلى الرغم من أن الدراسات المستحدثة قد أثبتت عدم صحة تلك الفرضيات، إلا أن البعض لم يتوان من إعادة إنعاشها والترويج لها في إطار علمي يواكب العصر، ومراهناً على أن أحداً لن ينتقدها لاعتقاده بغياب جميع الدلائل العلمية التي تنقضها.

Continue reading →

إضاءات على ساحل المنامة

مدينة المنامة من الاعلى في مايو 1945م

مدينة المنامة من الاعلى في مايو 1945م

بقلم د. محمد حميد السلمان

ذكرنا في مرات سابقة بأننا لن نستعرض ما كتبته المؤلفة (Nelida Fuccaro)، باعتبار أنه تكرار لما نُشر هنا وهناك، ولكن انزعاج بعض الكتاب لما كتبته حول إبراز مدى ارتباط استقرار البحرين في القرن السابع عشر بالاستقرار السياسي والاقتصادي في الضفة الشرقية من الخليج، وما آلت إليه أوضاع البحرين إلى الانحطاط والتدهور طيلة عقود القرن الثامن عشر وحتى نهاية العقد السادس من القرن التاسع عشر؛ هو ما يوجب التوقف عنده هُنيهة.

فما قالته هذه المؤلفة ليس من بنات أفكارها حتى ينزعج بعض المتحولين منه، فكله عبارة عن حقائق موثقة ودامغة بالأرقام والتقارير التي كان يرفعها موظفو المقيمية السياسية البريطانية في الخليج من بوشهر، أو قواد سفن الأسطول البريطاني، أمثال (كيمبل، وبروس، وماكلود، وهينل، وستانيوس)، وغيرهم كثير؛ أو من قبل الوكلاء السياسيين البريطانيين في البحرين سواءً أكانوا هنوداً هندوسيين، أم مسلمين شيعة من الساحل الإيراني أم من البحرين؛ من خلال كتابتهم عن الأوضاع في البحرين والخليج. وللدلالة على ما قالته هذه المؤلفة، التي لم تأتِ به من رؤاها، يجب أن نقرأ بوضوح ما كتب بتوثيق دقيق جداً في المجلد الأول من (سجلات البحرين- الوثائق الأساسية- ط. 1993)، في الفصل الثالث عشر، تحت عنوان (Civil war in Bahrain, 184-1847)، ونرى بعدها بكل تجرد وعلمية بحتة، إن كان ما كتبته (Fuccaro) حول الحروب والصراعات بين القوى القبلية الداخلية والخارجية صحيح أم لا؟ وهل أن تلك الحروب قد عرضّت البحرين للتدهور الاقتصادي والسياسي معاً؛ حتى كان من نتائجها تعرض سكانها وعلمائها للهجرة والنزوح القسري، وإلى خراب القرى والبلدات في الريف البحريني.

Continue reading →

مرايا التراث

في تاريخ وتراث البحرين