Monthly Archives: 26 أفريل, 2014

علماء الدين في البحرين قديماً… صنّاع ثقافتها

التعليم في البحرين قديما 1-5-2006 (1)

بقلم حسن سعيد

إن كان لكل مجتمع أن يفخر ويعتز بعلمائه ومثقفيه وكتابه، فعلماء البحرين القدماء هم علماء الدين الذين يحق لهذا المجتمع أن يفخر ويعتز بهم. فالدين في تلك الفترة هو مساحة العلم لمن يريد أن يكون عالماً، ومساحة الثقافة لمن يريد أن يكون مثقفاً.

في مجتمعٍ عُرف بتجارة اللؤلؤ والزراعة وصيد الأسماك وصناعة النسيج وغيرها، يبرز العالم الديني، المثقف الذي يقرأ ويدرس ويؤلف ويكتب الشعر ويسافر طلباً للعلم، ويحاضر ويؤم الناس في صلاتهم ويقضي بينهم. فهو ليس مجرد طالب علم، وإنما المثقف والقائد المجتمعي الذي يلجأ إليه الناس.

يمكن رصد ثلاث محطات يمر بها عالم الدين في تحصيله للعلم الديني آنذاك. ففي البداية، يبدأ التحصيل العلمي في المنزل حين يكون طالب العلم صغيراً في العمر والعلم، فيأتيه أحد العلماء، بطلب من والد الطالب المبتدئ عادةً، ويبدأ معه بدراسة بعض كتب اللغة العربية مثل كتاب «قطر الندى». ثم بعد فترة، ينتقل طالب العلم للمرحلة الأخرى وهي التحصيل العلمي عن طريق بعض العلماء الذين يسعى هو بنفسه للوصول إليهم. وهنا ينتقل طالب العلم للبلدة التي يسكن فيها العالم ويدرس عنده في المنزل أو في المسجد.

Continue reading →

مقطع توبلي وسر المدن المفقودة في سار

10

 بقلم حسين محمد حسين 


اشتهرت البحرين الكبرى، أي شرق الجزيرة العربية، بصورة عامة، بأهميتها في التجارة البحرية؛ فقد ساهمت في حركة الفعاليات التجارية بمنطقة الخليج العربي، وكثرت بها الموانئ والمحطات التجارية (قمر 1997، ص 39). وقد كشفت حملات التنقيب الآثارية في المواقع الإسلامية عن وجود قرائن واضحة تؤكد اشتغال جزر البحرين بالتجارة البحرية، على سبيل المثال، العثور على أنواع عديدة من الفخار المستورد من البصرة وعمان وإيران والهند والصين (Carter 2005). ولكن هذا لا يعني أن جزر البحرين كانت لها أهمية كبرى؛ فلم تذكر من ضمن الموانئ الأساسية في القرن الثامن أو التاسع الميلادي، ولم تذكر من ضمن محطات الطرق التجارية البحرية في تلك الحقبة (لمزيد من التفاصيل راجع قمر 1997، ص 39 – 62).

كذلك لا توجد نصوص تشير لوجود حركة تجارية في جزيرة أوال في الحقبة السابقة للإسلام، وهي الحقبة الساسانية وبالتحديد ما بين عامي 400 – 700 م. وقد سبق الإشارة إلى أنه لم يعثر على أثر في جزيرة أوال يعود لهذه الحقبة، بل إن موقع قلعة البحرين هجر في هذه الحقبة وهو الموقع المرجح الذي بني فيه ميناء البحرين في الحقب القديمة. وقد أدت قلة الآثار في هذه الحقبة إلى ترجيح أن أوال لم تكن جزءاً من شبكة التجارة البحرية التي أسسها الساسانيون (Larsen 1983, p. 111). إلا أن السبب الرئيسي، المرجح، لعدم العثور على آثار تعود لهذه الحقبة، هو عدم البحث عن مواقع للتنقيب فيها؛ فهناك عدة إشارات متناثرة ضمن ما تم نشره من نتائج عمليات التنقيب، وهي إشارات لنتائج تنقيب لم تنشر بعد. تلك الإشارات ربما تؤكد لنا وجود مدن ساسانية تعمل في التجارة في جزيرة أوال، وأن هناك مرفأ آخر كان نشطاً في جزيرة أوال، غير مرفأ موقع قلعة البحرين. ولي نتمكن من توضيح الصورة هنا، يتوجب علينا العودة إلى دلمون وتتبع التجارة البحرية منذ تلك الحقبة وصولاً إلى أوال. Continue reading →

كتاب «لؤلؤة البحرين» للشيخ يوسف العصفور… نافذة على تاريخ مضطرب

1 (1)

بقلم حسن سعيد

إن وجود بعض المناطق أو بعض أسماء المناطق غير المعروفة حاليّاً بعد مرور ما يقرب من 250 عاماً تفصل بين عصرنا وعصر الشيخ يوسف العصفور، مثل الرويس أو عزارا، يعني أن الشيخ نفسه ربما لم يتعرف على قرى أو أسماء قرى قديمة كانت موجودةً في البحرين قبل ميلاده بعقود أو مئات السنين .

يعد الشيخ يوسف العصفور الدرازي البحراني (المولود في 1695 م والمتوفى في 1772 م)، أحد أبرز علماء البحرين الذي كان له الفضل في التوفيق بين مدرستين فقهيتين، (الأخبار والأصول)، واعتبر مؤسساً لنهج فقهي معتدل لاتزال آثاره ماثلة حتى يومنا هذا.

الكاتب

الكاتب

ولقد عاش الشيخ يوسف العصفور (الذي يعرف خارج البحرين بالشيخ يوسف البحراني) في فترة شهدت الكثير من الاضطرابات السياسية التي عصفت بالبحرين في تلك الفترة.

كتابه «لؤلؤة البحرين في الإجازات وتراجم رجال الحديث»، الذي انتهى من كتابته قبل وفاته بأربع سنوات فقط (أي في العام 1768 م)، يسرد فيه بعضاً من سير 133 عالماً من علماء البحرين والقطيف والأحساء وجبل عامل والعراق وإيران. توفّر هذه السير، وبشكل متناثر، من المعلومات والإشارات ما يمكن جمعه وتحليله وإعادة تشكيله ليقدّم صورةً للبحرين في تلك المرحلة.

Continue reading →

البحرين في القرن التاسع الميلادي: النقل الثقافي بين دلمون وأوال

أحد أزقة المنامة 1952م

المنامة 1952م

بقلم حسين محمد حسين


من خلال ما عرضناه في الحلقات السابقة، يتضح لنا، أن أقدم منطقة استيطان في الحقبة الإسلامية هي جزيرة المحرق التي كانت تعرف باسم ماشماهيج أو سماهيج، ويبدو أن غالبية سكانها كانوا من النساطرة. ومنذ القرن الثامن الميلادي ظهرت آثار السكنى في جزيرة أوال، وظهرت أول عاصمة في جزيرة أوال وهي البلاد القديم. وهكذا، تبدو صورة البحرين في القرن الثامن الميلادي وقد أنشأ فيها أربع قرى، على الأقل، مبنية بالطين والحجارة في كل من المحرق، والبلاد القديم، وعالي، وباربار. وقد عثر في كل قرية مما سبق على آثار تدل على عدد من المهن والصناعات التي عرفت في البحرين. ففي البلاد القديم، كما أسلفنا في الحلقة السابقة، عرفت من المهن النادرة مهنتين هما: تحضير أظفار الطيب، وتحضير الصبغة الأرجوانية. أما في القرية الإسلامية في عالي فقد عثر على أقدم مدبسة بنيت في العصر الإسلامي في البحرين، وأما في المحرق فقد عثر على دلائل تشير لوجود مهنة الغوص واستخراج اللؤلؤ.

هذه بعض المهن التي سنتناولها بالتفصيل لاحقاً، ويلاحظ أنها مهن حضرية لم تعرفها القبائل العربية، إلا التي تحضرت منها وعايشت الحضر. وهذا يعني حدوث عمليات نقل ثقافي بين الشعوب المتبقية والمنتسلة من شعوب حضارة دلمون والقبائل العربية التي هاجرت إلى البحرين على مراحل مختلفة.

Continue reading →

البلاد القديم: تأسيس العاصمة الإسلامية الأولى في البحرين

0

بقلم حسين محمد حسين 

في الفصل السابق تناولنا هوية البحرين الدينية في القرن التاسع الميلادي، وذلك اعتماداً على ما عثر عليه من آثار في البحرين. وربما يرى البعض أن هناك العديد من الأدبيات التي تناولت هوية البحرين الدينية منذ فجر الإسلام، إلا أنه عندما نرجع لهذه الأدبيات نلاحظ أن الحديث فيها إما حول البحرين الكبرى أو حول هوية قبيلة عبدالقيس بصورة عامة، إلا أن جزيرة أوال يغيب ذكرها في تلك الأدبيات، ولا يظهر لها ذكر إلا في قرابة القرن العاشر الميلادي، أي مع السيطرة السياسية القرمطية على البحرين. ومن هنا تأتي أهمية هذه السلسلة التي نحاول فيها أن نبني نموذجاً لتاريخ البحرين في تلك الحقبة التي لا تذكر فيها جزر البحرين في الأدبيات المختلفة، معتمدين في ذلك على نتائج بعثات التنقيب الآثارية المختلفة، ومطابقة ذلك بما يوازيه من روايات تاريخية إن وجدت.

يذكر أن أهم الأدبيات التي سردت تاريخ جزر البحرين في فترة قبل الإسلام وفجر الإسلام، هي تلك الأدبيات التي تناولت تاريخ المذهب النسطوري؛ حيث ذكر فيها جزيرة ماشماهي/ ماشماهيج أي سماهيج أو جزيرة المحرق حالياً، والتي كانت تعتبر المقر الرئيسي لجماعات اعتنقت المذهب النسطوري، وقد سبق لنا أن فصلنا ذلك في سلسلة سابقة. إلا أن الدراسات الآثارية في جزيرة المحرق لم تُظهر أي دليل آثاري يدل على وجود الديانة المسيحية فيها قبل الإسلام، إلا أن تلك الدراسات تشير بوضوح لوجود استيطان على جزيرة المحرق في العديد من المواقع والذي يبدأ من حقبة قبل الإسلام، وغالبيتها يعود للقرنين السابع والثامن الميلاديين، ومنها ما يشير للاستيطان في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين (Carter and Naranjo-Santana 2011, pp. 39-40).

Continue reading →

البحرين في القرن التاسع الميلادي: الهوية الدينية

1Prayer
بقلم حسين محمد حسين

من خلال ما قدمناه في الحلقات السابقة يتضح لنا أن البحرين، بما في ذلك جزيرة أوال، استطاعت أن تحصل على استقلال ذاتي نسبي وذلك في نهاية الحقبة الأموية وبداية الحقبة العباسية؛ وذلك بعد أن هدأت، نسبياً، حركات التمرد في البحرين، وتعلمت من خلالها الدولتان الأموية والعباسية أن مجابهة هذه الحركات بالعنف المفرط لن ينتج عنه إلا عنف مفرط آخر؛ وبذلك اكتفت هذه الدول بالسيادة الاسمية على البحرين.

كذلك اتضح لنا من الحلقات السابقة، أن جزيرة أوال وخلال حقبة الاستقلال الذاتي النسبي استطاعت أن تطور من تجارتها وعلاقاتها الخارجية وأن تكتسب من تلك العلاقات معارف ثقافية جديدة؛ فاستطاعت أن تتوسع في القرن التاسع الميلادي، فتوسعت مناطق الاستيطان الأساسية كالمنطقة المحيطة بمسجد الخميس (وهي العاصمة)، والقرى الأخرى في عالي وباربار.

بقي علينا الإجابة عن سؤال مهم يتمحور حول هوية هذا الشعب الذي استطاع أن يؤسس القرى الإسلامية الأولى في البحرين، التي كونت نواة لدولة متكاملة لها عاصمة، وبها سوق مركزية، ولها تجارة محلية وخارجية تصل إلى الصين. ولا نقصد بالهوية هنا الهوية العرقية، فقد تطرقنا لها في سلسلة سابقة وأوضحنا التركيب العرقي في البحرين، وهو لا يختلف كثيراً عن التركيب العرقي في شرق الجزيرة العربية. وإنما قصدنا هنا الهوية الدينية والمذهبية. وقد تمت الإجابة عن مثل هذه الأسئلة بفرضيات سردية متضاربة لا تعتمد على أي دليل آثاري.

Continue reading →

مرايا التراث

في تاريخ وتراث البحرين