منتدى (الوسط) الثقافي يناقش (حماية التراث الوطني… مسئولية من؟)

أمين في منتدى «الوسط»: الإدارة الأهلية للآثار ضرورة

2

 

الوسط – حبيب حيدر

أكد رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين، أن «المشاركة الأهلية في الحفاظ على الآثار ضرورة»، مضيفاً «نتمنى أن نرى إدارة أهلية لمواقع التراث لتشكّل مع الإدارة الرسمية فريقاً متكاملاً».

جاء ذلك خلال مشاركته في منتدى «الوسط» تحت عنوان: «حماية التراث الوطني… مسئولية مَن؟».

إلى ذلك، قال القائم بأعمال مدير إدارة المتاحف بوزارة الثقافة رشاد فرج: «إن أهم المشكلات التي تواجه العاملين في مجال حفظ التراث في البحرين، تتمثل في أن غالبية حملات التنقيب تأتي من الخارج؛ فالتنقيب يتبع دراسة، والدراسة تأتي من الجامعات التي تضم أقساماً لدراسة التنقيب والآثار. جامعات البحرين لا تدرِّس أية مواد عن الآثار، والمنقبون والبعثات الدراسية عددها قليل».

احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف…

منتدى «الوسط» الثقافي يناقش «حماية التراث الوطني… مسئولية من؟».

 

45555احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف تسلط «فضاءات الوسط» الضوء على هذا اليوم الذي يصادف 18 مايو/ أيار من كل عام، وذلك من خلال مناقشة قضية هي من صلب انشغالات المسئولين والمهتمين بالتراث الوطني في شكل استفهام أساسي هو «حماية التراث الوطني… مسئولية من؟». وكيف يمكن للتراث الوطني أن يتناغم وينسجم مع ثيمة الاحتفال بيوم المتاحف العالمي لهذا العام Museum collections make connections «روابط تخلقها المجموعات المتحفية».

بداية رحب رئيس التحرير منصور الجمري بحضور المنتدى الثقافي وأشار إلى أن البحرين ليست حدثاً سياسياً فقط ولا نريد أن ننسى معالم القوة والمعالم الجميلة وهي التراث والثقافة والجانب الحضاري. جميع دول الخليج تحاول إحياء الجانب الثقافي ولدينا في البحرين خطوات بدأناها. هناك من يحب الثقافة مثل الشيخة مي وزيرة الثقافة المعروف عنها حبها للتراث والثقافة لكن لدينا أيضاً طاقات أهلية في الجانب المدني محبة للثقافة ولربما لا تجد مجالاً لتعبر عن نفسها بصورة أفضل لأي سبب كان. بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف أحببنا أن نسلط الضوء على أهمية المتاحف وقيمتها وأهمية الاستثمار فيها وطرق إحيائها بحرينيناً على المستوى الأهلي والرسمي. الآن ننفق الكثير من الأموال في مجالات قد لا تنفعنا وفي الوقت نفسه ربما نفقد القيم الحضارية والتراثية الموجود بسبب اندثار معالم هنا وهناك. اليونسكو اعتبرت أي قطعة آثار اريكولوجي هي ملكية إنسانية لا يجوز التصرف فيها ولذلك نحن مؤتمنون عليها. ولذا اليوم قمنا بدعوة الأشخاص الذين نعتقد أن لهم دوراً ويمكن لهم أن يغنوا الساحة البحرينية بأفكارهم وهذه الجلسة ليست موجهة للانتقاد بقدر ما هو تسليط للضوء على الفرص المتاحة لنتمكن فيما لو تظافرت الجهود في أن نخرج البحرين بصورة أفضل وبكلفة أقل ولكن بجذب أكبر لسمعة جيدة لبلادنا.

بعدها بدأ المنتدى الذي ادارته، الصحافية منصورة عبدالأمير، وتحدث فيه كل من، رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين، والقائم بأعمال مدير إدارة المتاحف رشاد فرج، والباحث حسين محمد حسين.

منصورة عبدالأمير: نرحب بكم في منتدى الوسط الثقافي، الذي نلتقيكم عبره للشهر الثاني على التوالي، لنحتفل هذا اليوم باليوم العالمي للمتاحف الذي يصادف 18 مايو/ أيار من كل عام. نحتفل معكم بهذا المنتدى لمناقشة قضية لعلها تكون في صلب انشغالات وعمل المسئولين عن المتاحف والمهتمين بالمجالات ذات الصلة بوظائفها وهي قضية «حماية التراث الوطني… مسئولية من؟». نأمل أن نناقش في منتدانا هذا كيف يمكن للتراث الوطني أن يتناغم وينسجم مع ثيمة الاحتفال بيوم المتاحف العالمي لهذا العام Museum collections make connections «روابط تخلقها المجموعات المتحفية».

نستضيف في الملتقى ثلاثة متحدثين ممثلين لعدد من الجهات، أولاً لدينا ممثل للجهة الرسمية والمسئول الأول عن عملية حماية التراث الوطني وهي وزارة الثقافة ممثلة في القائم بأعمال مدير إدارة المتاحف رشاد فرج، ثم ممثل من الجهات الأهلية الممثلة في رئيس جمعية آثار وتاريخ البحرين عيسى أمين، وجهة أهلية أخرى تتمثل في أحد الباحثين المهتمين حسين محمد حسين الذين كتبوا كماً لا بأس به من البحوث والدراسات عن تاريخ البحرين، وتاريخ التنقيب عن الآثار فيها.

متحدثنا الأول هو رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين، وهو له العديد من الكتب عن تاريخ البحرين كتبت باللغات العربية والإنجليزية والفارسية وهو حاصل على بكالورويوس طب وجراحة جامعة القاهرة عام 1972 زمالة كلية الجراحين الملكية في ايرلندا عام 1976 وماجستير تاريخ الاستعمار من بريطانيا عام 2000. يشغل منصب رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين وهو عضو اللجنة العالمية للمحافظة على التراث الإنساني «الإيكوموس».

أمين سيحدثنا عن الايكوم The International Council of Museums المجلس العالمي للمتاحف. ثم سيعرج على مصادر الثقافة والتراث، والمشاركة الأهلية في إدارة هذه المصادر وصولاً إلى الدور الحالي والتاريخي لجمعية تاريخ وآثار البحرين التي يرأسها.

– عيسى أمين: يستحسن وضع مقدمة للقارئ لماذا يوم المتاحف وكيف وصلنا لهذا اللقاء، يوم المتاحف العالمي هو قرار من الأيكوم (ICOM) وهو المجلس العالمي للمتاحف والذي أسس في عام 1946 هذا المجلس اتخذ قراراً في عام 1977 في أن يجعل يوم 18 مايو من كل عام يوماً للمتاحف. هذا اليوم العالمي كان الهدف منه نشر الوعي لدى المواطنيين للدور الذي تقوم به المتاحف في تطور المجتمعات. وقد شارك 35 ألف متحف في 143 دولة في عام 2013 في هذا الحدث الثقافي المهم. في هذا العام 2014 كان شعار المناسبة العالمية (مقتنيات المتاحف وسيلة للتواصل) سواء كان هذا التواصل تراثاً علمياً أو إبداعات ثقافية أو تغطية لحقبة معينة من محتويات المتحف، سواء كان، كما هو موجود في البحرين، فترة دلمونية متأخرة أو متقدمة مثل فترة البرتغاليين أو غيرها.

الأيكوم منظمة غير حكومية وهذا شيء مهم وهي من المفروض أن تكون الوحيدة التي تقوم بتمثيل المتاحف ولها علاقة ارتباط بمنظمة اليونسكو في الأمم المتحدة وكان شعارها عند التأسيس «المتاحف وسيلة للتبادل والحوار الثقافي» وهي تدعم وتغني الثقافات وتخلق أجواءً من التفاهم والاحترام والسلم بين الشعوب، هذا هو شعار الإيكوم التي نجتمع اليوم تحت ندائها لجعل 18 مايو من كل عام يوماً للمتاحف العالمية.

ومن هذا الشعار الكبير، نستشف أنه لا يمكن التركيز على مصدر واحد فقط من مصادر الثقافة والتراث وإهمال أو تحجيم المصادر الأخرى ما يعنى أن المتحف لا يجمع أعمالاً فنية أو آثاراً فقط وإنما إبداعات فنانين وخطاطين وحرفيين بحيث يخلق بعداً ثقافياً سابقاً وامتداداً حالياً للواقع الذي نعيشه. فيجب أن يكون الهدف عدم التركيز على وجهة من مصادر الثقافة بل محاولة تغطية جميع مصادر الثقافة. والقبول بالمشاركة الأهلية والمؤسسات غير الرسمية والأفراد وأصحاب الاختصاص أو المتطوعين من طلاب ومدرسين وكتاب وشعراء وفنانين وخطاطين ومؤرخين ومحامين والكثير من القطاعات الأهلية في الحفاظ على مصادر الثقافة. ويجب عدم التركيز على وجهة واحدة بل يجب التخطيط لحفظ جميع مصادر الثقافة في البحرين، هذا يؤدي إلى كيف ومتى نستطيع أن نحقق هذه المشاركة أو المساهمة الفعلية للمجتمع في الحفاظ على إرثنا الحضاري.

عندما نتحدث عن الآثار يجب أن نضع هذا الجزء من ثقافة الشعوب يجب أن يؤخذ في سياق مفهوم الثقافة، وليس قطعة حجر فقط. ويستطرد أنه حينما بدأ يذهب للمواقع الأثرية في السبعينات حين انضم لجمعية تاريخ وآثار البحرين «كنت أجد أما الأسلاك الشائكة أو حارساً هندياً، لا يعرف ما هو هذا الموقع ولا محتواه ومازلنا في هذا الوضع فمازالت الأسلاك الشائكة كأنها جلد يحيط بالآثار، وآخر أسلاك شائكة ما نراه في مدخل القرية العباسية في قرية عالي قبل دوار الفخار، ولا يوجد أي لوحة تشير إلى موقع القرية العباسية.

5مصادر الثقافة ليست الآثار فقط لكن أيضاً الأغاني والطرب الشعبي والمواقع الأثرية واللقى والقطع الثرية والأعمال الفنية والمواقع ذات الأهمية الثقافية، والصور التي تصور الحدث التاريخي والمخيلة الشعبية وكل الناتج الفولكلوري لهذا الشعب إلى جانب الحرف الشعبية والطقوس والمناسبات واللباس والطراز المعماري وحتى الخصوصية في الطعام لها بعد ثقافي. هذه كلها تعتبر إرثاً إنسانياً لأي شعب من الشعوب أخذت تتشكل على مدى بعيد وطويل من الممارسات التي جعلت لهذا الشعب ثقافة تميزه عن الشعوب الأخرى ولكن من خلالها يحاور الثقافات الأخرى. فأنا حينما أعرض فناً بحرينياً فإن كل الناس تتوق لأن تراه باختلاف مذهبها أو لونها وهذا يمثل عامل ارتباط بين الشعوب وليس عامل تنافر، وهذه إحدى العوامل الرئيسية لعلاقتنا بالعالم قبل السياسة والاقتصاد وأي شيء آخر، فهذه لها ديمومة واستمرارية ونوع من الحس العاطفي لدى الشعوب. هذه الخصوصية التي يجب المحافظة عليها لأنها قاعدة أساسية للتطور الاجتماعي والتواصل مع الإرث الحضاري خلال عملية التطور وضرورة للتماسك بين أفراد الثقافة الواحدة وإعطاء كل المتطلبات المهمة للشعور بالانتماء للوطن وتحديد موقعنا اليوم من الثقافة الكونية.

كل مكونات الثقافة المذكورة لها الأهمية نفسها وتتطلب منا الالتزام الأخلاقي نفسه بالمحافظة عليها، ولذا لا نتكلم عن الآثار بل عن التراث والآثار والحرف والفولكلور والمحلات الثقافية في البحرين ومختلف الشخصيات المؤثرة والصور والمبدعين قدماء ومحدثين.

تاريخ الجمعية

وبشأن جمعية تاريخ وآثار البحرين يستذكر أمين أنه مع مجموعة من الزملاء «بدأنا ندخل جمعية تاريخ وآثار البحرين في السبعينات وهي أول جمعية أهلية في منطقة مجلس التعاون الخليجي تعنى بالتاريخ والآثار.

تأسست سنة 1952 وكان تأسيسها بداية موازية لبداية التنقيب عن آثار البحرين، إذ كانت البداية مع البروفسور جفري بيبي حين كان يعمل في شركة نفط العراق وهو إنجليزي وحين كان في العراق أثناء الحرب العالمية الثانية وبحسب كلامه الشخصي أرسل كجاسوس للمخابرات البريطانية للبحرين وكان له اهتمامات بالتاريخ والآثار. ومن خلال قراءته والآثار في وادي الرافدين يتكرر اسم ديلمون كأرض مقدسة تهب المعابد والبلح والمنقولات التجارية فتحدث في الأمر مع البروفيسور لوك في الدنمارك وقرر الاثنان أن يقوما بزيارة البحرين. وفعلاً تشكلت مجموعة عمل صغيرة من بروفيسور بيبي وبروفيسور لوك وحضروا للبحرين واتفقوا مع شركة النفط أن تعطيهم مساعدة مالية وسكنوا في فندق سبيد بيرد في رأس رمان وزودتهم بسيارة «بيك آب» واتفق معهم الشيخ سلمان على توفير دعم مالي عن طريق بلغريف. وكان هناك اتفاق على التنقيب عن اللقى الأثرية، أما قبل هذه الفترة فكان هناك بعض الباحثين عن الكنوز. لم يكن تنقيباً بل حفر من أجل الحصول على كنز ما. هناك ديورنت وغيره نقبوا في البحرين ولم يجدوا الكنوز التي يبحثون عنها. وفي إحدى المرات وجدوا حجراً في المدرسة الداودية في البلاد القديم مكتوباً عليه «هذا قصر ريمون خادم أنزاك». هذا الحجر للأسف يكاد أن يكون الكتابة الوحيدة في حضارة ديلمون التي نقلت إلى بريطانيا وضاعت أثناء الحرب العالمية الثانية لما قصفت لندن. هذا الحجر كان موضوعاً في جدار المدرسة الداودية في البلاد القديم وهي مسجد الشيخ دواوود الآن حيث ذهب ديورنت إلى الشيخ داوود وقال له هذا مكتوب من الشياطين وأنا سأشتريه منك فخلعه من الجدار ونقله معه إلى بريطانيا.

نحن كجمعية كنا مجموعة صغيرة من المهتمين بآثار البحرين عند التأسيس وكنا نعقد ندوات ومحاضرات مع المنقبين الدنماركيين والإنجليز والفرنسيين الألمان اليابانيين وفرق التنقيب العربية. ومعهم ابتدأ نوع من الوعي المحلي بأهمية التنقيب في الآثار. أذكر أن جفري بيبي قبل سنة من موته دعوته للبحرين في الجمعية وذهبنا لقرية كرانة وبحثنا عن كل الناس الذين عملوا معه وخبّأناهم في حجرة من الجمعية وألبسناهم نفس اللبس الذي كانوا يلبسونه حين التنقيب وقبل أن يبتدئ محاضرته أدخلناهم عليه وكان الموقف مفاجئاً وغريباً فبدأ الرجل يبكي وهم كذلك. هذه العلاقة الأهلية مع آثار البحرين التي ابتدأت بشيء بسيط مع عمال في كرانة كلهم يذكرون حنان هذه الفترة التي عاشوها في البرستجيات بموقع قلعة البحرين، حيث عاشوا مع المنقبين في هذه البرستيجات يطبخون معهم يأكلون معهم ويسهرون معهم كنوع من العلاقة التي ظلت باقية، ومازال بعضهم موجوداً في كرانة يتكلمون عن تلك الفترة في الخمسينات.

كانت البعثات قبل أن تنشأ الوزارة أو المتحف تأتي لجمعية تاريخ وآثار البحرين، لتقدم تقريراً عن المعثورات الأثرية وعن التنقيب، وتقوم بزيارات ميدانية مع المهتمين بالآثار إلى المواقع الأثرية.

كنا نجمع بعض الأبحاث الأثرية ونترجم بعضها في مجلة ديلمون وكانت هذه أول مجلة تتكلم عن آثار البحرين للعالم الخارجي نرسلها لجميع المتاحف والمؤسسات المهتمة بالتراث الإنساني ونستلم منهم مجلات مماثلة. ومع مرور الوقت تحولت مجلتنا إلى مجلة تاريخية أكثر منها أثرية لأن البعثات الأثرية ما عادت تأتينا بعد أن وُجد المتحف ووزارة الثقافة، وأصبحت محاضراتنا الآن تقرأ وتتابع على اليوتيوب. بعضها سياسي بعضها اجتماعي أو شخصي ولكن كلها لها بعد تاريخي وأصبح موضوع الآثار في حيز أقل.

ولم تتخذ الجمعية بعداً محلياً فقط في التوعية بالتاريخ بل كنا نستضيف باحثين من مجلس التعاون في جامعة البحرين لخلق وعي عند طلاب الجامعة عن أهمية آثار وتاريخ البحرين، وعقدنا ندوات لذلك من ضمنها استضافة عبدالله مصري أمين متحف الرياض في الثمانينات.

الجمعية مازالت موجودة ولها برنامج يبتدئ من أكتوبر/ تشرين الأول إلى مايو ويغطي جميع قطاعات التاريخ في البحرين وهي مفتوحة للمبدعين وليس للمتخصصين، فلسنا جمعية أكاديمية بل جمعية تهتم بتنمية الشعوب ونفتح المجال للجميع بدون تحديد سواء كان مجتهداً أو كاتباً أو باحثاً أو أكاديمياً متخصصاً للحديث عن التاريخ وفي فعالياتنا تجد الكبير والصغير من غير تحديد فئة عمرية لكل من لديه شغف بالآثار والتاريخ. ومع الوقت أصبح 90 في المئة أعضاء الجمعية من البحرينيين، لدينا الآن 250 عضواً، وبدأنا بسبعين عضواً. كانت لدينا زيارات ميدانية إلى سورية إلى الأردن إلى عمان من خلال تبادل الزيارات الأثرية. قدمنا محاضرات في المدارس وفي الجامعات وفي فترة الصيف نفتح الجمعية للباحثين من طلاب الجامعات وكلنا نصبح مساعدين في الأبحاث نوفر لهم ونصحح بعض المعلومات ومازال هذا التواصل مستمراً.

موضوعات حرجة

الآن ننتقل للمواضيع الحرجة. في مرحلتين من مراحل الجمعية طرحنا أرشيفنا المعلوماتي «الداتا بيس» للاستفادة منه في فترة إبراهيم الهاشمي رئيس جامعة البحرين سمح لنا أن ننتقل للجامعة بأنشطتنا ونؤسس مركزاً للوثائق والمعلومات الموجودة عن تاريخ وآثار البحرين في الجامعة، واستضاف لنا خبراء من بريطانيا يساعدوننا في هذه المهمة وعينا المكان وكل شيء وبعد نهاية رئاسة الهاشمي للجامعة توقف المشروع وانتهي كل شيء برحليه.

الموضوع الآخر الذي مازلنا نطرحه بجدية هو المبنى المقابل لجمعية تاريخ وآثار البحرين وهو المبنى الذي تأسس سنة 1947 وكان للمقيم السياسي الحاكم العام لكل الخليج ومعتمدياته في الخليج، إذ اضطروا للانتقال من إيران إلى البحرين هذا المبنى موجود ومازال كما هو وقد شغلته صحيفة «الأيام» سابقاً وطلبنا من المؤسسات الرسمية في الدولة سواء كان ديوان ولي العهد أو وزارة الثقافة أن يحول هذا المبنى إلى متحف أو مركز أبحاث لأنه يوجد كم هائل في المكتبة البريطانية في لندن عن الخليج وعن البحرين من الوثائق والصور والخرائط. زرت المكتبة البريطانية وأنا عضو فيها ولديّ اليوم خمسة عشر ألف صفحة عن تاريخ البحرين السياسي من سنة 1820 إلى سنة 1956. كل حدث سياسي واقتصادي واجتماعي مدون سواء كان باللغة العربية أو الإنجليزية. هذا المكان كان من الممكن أن يتحول من خلال الاتصال الإلكتروني إلى مركز أبحاث ويحتوي على خرائط وأبحاث وصور ولكن للأسف المبنى آيل للسقوط ولم يتحول إلى أي شيء. ولدينا الآن المحرقة التي كان يستخدمها المقيم السياسي كانت مرمية على البحر نقلناها للجمعية وكان هناك مدفعان أمام المبنى اختفيا.

الموضوع الثالث هو أنه قبل أن تكون هناك فكرة أي متحف في الموقع الأثري في سنة 1980 اتفقنا من خلال مشروع وطني عرض على المهندسين في البحرين رسم متحف ووفقنا مع مؤسسة بحرينية مشاركة في الحفاظ على الآثار أن ترسم لنا هذا المتحف وحصلنا على موافقة وزارة الإسكان على موقع في مدينة حمد أن يتحول إلى متحف لتلال مدينة حمد ومركز معلومات وقاعات عرض وتوابعها وذهبنا إلى وزارة الإعلام في ذلك الوقت لمقابلة المرحوم طارق المؤيد الذي أكد أن لا موازنة لديه، وذهبنا للتجار ولكن صدر أمر من وزارة الإعلام بوقف المشروع تماماً. نحن كمتطوعين نعمل ولكن الآن أصبح هناك حاجة لجهد ومشاركة أهلية أكثر.

واقع الحال

3نحن نتكلم اليوم عن واقع الحال فلو نظرت اليوم إلى المدرسة العلوية الثقافية كإرث تعليمي ثقافي ومسجد الخميس كإرث عقائدي، وعين بوزيدان كإرث اجتماعي، هذه المعالم الثلاثة يشكلون تراثاً محلياً للبحرين، لابد من العمل على صيانتها بسرعة لأن مسجد الخميس بعد سقوط مطر قوي ستسقط منارته وينتهي فلابد من إعادة كل ما نقل من مسجد الخميس سواء الموجود لدى أشخاص أو في المتاحف أو في مؤسسات خاصة. لن أذكر أسماء فهذا قرار أكبر مني لكن يجب أن ترجع هذه الأشياء ويفتح المسجد كمعلم إسلامي، وهو أكبر معلم إسلامي.

مستوطنة سار من أجمل المستوطنات الأثرية الموجودة في دول مجلس التعاون سواء بيوت أو طرق بهندسة رائعة ومعابد أو تصميم أو شوارع، في إسبانيا يوجد شيء شبيه بما لدينا ولكنه مغطى بالزجاج الذي تمشي عليه لتكتشف المكان، أما هنا في البحرين فهذه المستوطنة تقع في أرض ملك خاص لا بد من إصدار قرار لاستملاكها وتعويض صاحب الملك، وهنا يأتي دور وزارة المالية، وندخل في دور المؤسسات الأخرى في المحافظة على هذا التراث.

معبد باربار منذ اكتشفه الدنماركيين بقي على حاله بل هو اليوم يتهدم. هذا المعبد في التراث السومري والبابلي هو ملتقى آلهة ما بين النهرين وله قيمة تاريخية أثرية للمنطقة التي حوله وقد سرق الوعاء المائي الذي فيه ولم يفتش عليه أحد والمعبد بدأ يتهاوى، ولا أحد يفعل شيئاً. أقل ما يجب فعله الآن هو أن نطمر هذا المعبد بالتراب إلى أن يأتي اليوم الذي نستطيع بموازنة مناسبة أن نفتحه من جديد.

البيوت التراثية في المنامة والورش الحرفية وصناعة السفن القلافة التي انتهت في البحرين كما تعرفون جاء البلدوزر وأزال كل الورش وأقيمت مكانها عمارات، سوق الحدادة كانت معلَماً تراثياً بحرينياً، سوق التناكة، سوق الصفافير لا يوجد أي شيء من هذا الآن. لو ذهبنا إلى الدنمارك لوجدنا أن هذه الورش نقلت إلى مدينة مصنعة، حينما نأتي إلى شوارعها نسمع صوت الحدادة ندخل فنجد ورشة الحداد والنجار ورشة النساج نحن كان لدينا كل ذلك ولا يوجد شيء منها الآن، انتهت، لأنه لا يوجد تدوير للناتج المحلي ولا يوجد تشجيع، وتم إحلال عمالة أجنبية تنهي الهوية المحلية.

نصل للإرشاد السياحي فتحنا موضوع المرشدين السياحيين ونحن كجمعية نحتضن جمعية المرشدين السياحيين ونقدم لهم كل الدعم المالي والأدبي، كان مقترحنا ان تحتضن الدوائر الرسمية في البحرين وتقسمهم إلى ثلاثة أقسام وبعد فترة تدريبية ومنح بسيطة لتشجيعهم، جزء منهم يتبع المتاحف والأماكن الأثرية التابعة لوزارة الثقافة، وجزء يتبع وزارة السياحة والفنادق، وجزء آخر يسلم باصات مرسوم عليها معالم البحرين ومواقعها الأثرية ويعمل لنفسه ويوصل الناس لهذه الأماكن بعد تعليمه وتزويده بالكتيبات ويصبح عضواً في مؤسسة لها قوانينها وشروطها. فتحنا هذا الموضوع في عدة لقاءات. الآن أصبحنا في حاجة ماسة لهذا وإلا فإن العامل الآسيوي الذي لا يعرف عن آثار البحرين سيشرح تاريح البحرين. احتضنا المرشدين السياحيين البحرينين كجمعية تطوعية ولكن لابد للمؤسسة الرسمية أن تحتضنهم وتنمي فيه هذا الاهتمام وتعززه كمصدر رزق لهذا الشاب من هذه المجموعة نستطيع أن نعزز التنمية البشرية، لا يوجد لدينا تنمية بشرية في الآثار والتاريخ، ولا يوجد لدينا منهج تعليمي يحبب الأطفال والكبار في الآثار والتاريخ ولا يوجد لدينا كرسي للأثار في جامعاتنا ولا إصدارات محلية مشجعة وبحوثنا المشهورة كلها متطلبات من جامعات خارجية، وبالتالي أصبح الكلام عن البحرين من الخارج أكثر من الداخل، وهذه مأساة

المشروع الأهلي

أخيراً، لدينا مشروع نطرحه من خلال هذه الندوة وهو المشاركة الأهلية في الحفاظ على الآثار. لا بد من تغيير أسلوب الإدارة الحالية لأنها مرهقة بأنشطة أخرى، فنتمنى أن نرى إدارة أهلية لمواقع التراث لتشكل مع الإدارة الرسمية فريقاً متكاملاً وقد اقترحت أن يرمم البيت القريب من مأتم الحاج حسن العالي ويصبح مركزاً أهلياً للحفاظ على آثار عالي ويشارك المؤسسة الرسمية في إدارته ويكون مركزاً ملتقى للمهتمين بآثار عالي وللمتخصصين من وزارة الثقافة للحضور وإرشاد النساح ونشر المطبوعات وزيارة السواح ومصدر رزق للناس وسيسعون للمحافظة على هذه الآثار، وعدم العبث والسرقة، وهذا نموذج ممكن أن يتكرر في كل قرية في باربار في مدينة حمد في الحجر في كل قرية يمكن أن يرمم بيتاً ويكون معماراً تراثياً نخلق به نوعاً من التعاون بين الإدارة الرسمية والأهالي وإدارة المواقع التراثية وبحسبنا ما نراه من أهالي كرانة وكيف كانوا يتكلمون بروح عن عملهم مع المنقبين في قلعة البحرين قبل ستين عاماً فما بالك بشباب تعطيهم المسئولية حيث يمثلون السلطة الأهلية ومقابلهم الدعم الرسمي بالمال والإعلام وغيره، وهذا ليس جديداً بل يطبق في أميركا وفرنسا فالحكومة تقدم الدعم المالي والأدبي والإدارة لهذه المواقع أغلبها أهلية وتعيش على التبرعات.

وزارة الثقافة: الدور المنشود

– منصورة عبدالأمير: ننتقل الآن للمتحدث الثاني القائم بأعمال مدير إدارة المتاحف بوزارة الثقافة رشاد فرج ليحدثنا عن الدور الذي قامت به الوزارة في حفظ التراث الوطني المتمثل في الآثار والنماذج والأدبيات. أيضاً فرج في لقاء أجريناه معه قبل أيام تحدث عن الآثار المحفوظة في مخازن الوزراة وخطط الوزارة لهذه المحفوظات. ربما سيتمكن من أن يحدثنا عن هذه الخطط وعمّا أنتجته المتاحف لدينا من ثقافة ومدى مساهمتها في خلق التواصل في المجتمع. هل أنتجت المتاحف ثقافة أم ظلت مجرد مبانٍ جميلة غرضها التسلية لزوّراها فقط؟

بداية تحدث فرج عن دور المتاحف بصفة عامة مشيراً إلى أن موقف الناس من المتاحف تغير من النظرة القديمة التي تجد فيها «مباني قديمة فيها أحجار وآثار قديمة يشاهدها الزائر مرة واحدة ويكتفي. وتصل فيها المعلومات في اتجاه واحد» إلى أن تتحول اليوم إلى «ملتقيات للآثار والتاريخ والثقافة والفنون والعروض، فهي مبانٍ حيوية يختلط فيها الحاضر مع السابق والشعوب مع الزوار من خارج البلد» مؤكداً توجه إدارة المتاحف في المواصلة في هذا المنوال «فقبل خمس وعشرين سنة تأسس متحف البحرين الوطني وهو أول متحف في الخليج وأنشأ في قاعدة «الآريف» الجوية في المحرق وكان شبه مستودع» لكن خلال أقل من عشرين عاماً «تضاعف عدد المتاحف من أقل من عشرين ألف متحف في العالم إلى خمسة وخمسين ألف متحف. ومعظم المتاحف في العالم تبنى اليوم في الشرق الأوسط، وفي الصين التي تبني حالياً 4500 متحف. لدينا في الخليج المتحف الإسلامي في الدوحة إلى اللوفر في أبوظبي وغيرها من المتاحف التي جعلت التوجه العالمي للاستثمار في هذا المجال يتحول إلى منطقتي الخليج والصين. هناك استثمار كبير في المتاحف في المنطقة بصفة عامة، ووضعنا في البحرين مختلف تماماً عن المتاحف في المنطقة فهناك تبنى مبانٍ كبيرة وتصرف مبالغ هائلة لملئها بالمقتنيات، لكن نحن لدينا مقتنيات هائلة وليست هناك مبانٍ كافية لعرضها».

وفي سرده لتاريخ متحف البحرين الوطني، قال فرج «بدأ تصور إنشاء المتحف منذ السبعينات، لكن بدأ التخطيط الفعلي لأن يكون متحفاً على مستوى عالمي في الثمانينات حيث تم العمل على أن بنائه بأعلى المواصفات، حتى أن الزائر اليوم لا يصدق أنه مضى على بنائه خمسة وعشرون عاماً، ليس فقط من جهة المبنى والمحافظة عليه لكن من جهة طريقة عرض المقتنيات وهو ما يشرفنا لكننا نتطلع إلى الخمس والعشرين سنة المقبلة ودورنا للأجيال القادمة. في علم المتاحف الدور الرئيسي للمتحف هو الاحتفاظ بالمقتنيات من ثم دراستها وترميمها إذا كان هناك حاجة وأخيراً عرضها».

أما أهم المشاكل التي تواجه العاملين في مجال حفظ التراث في البحرين فهي كما يشير فرج «معظم حملات التنقيب تأتي من الخارج فالتنقيب يتبع دراسة والدراسة تأتي من الجامعات التي تضم أقسام لدراسة التنقيب والآثار. جامعات البحرين لا تدرس مواد عن الاثار أو التنقيب، والمنقبين والبعثات الدراسية عددها قليل، ورغم ذلك لدينا عدد كبير من المقتنيات والآثار.

غرفتان و«30» شاحنة

Untitledويضيف «في السبعينات بدأنا بغرفتين في القاعدة الجوية لعرض ما يعثر عليه، وكانت الغرفتان تمتلئان باستمرار بسبب الكم الهائل من المقتنيات. في الثمانينات جاءت فترة متحف البحرين الوطني، وكانت هناك رغبة في عرض المقتنيات الكثيرة التي تم التنقيب عنها، فهناك كم هائل منسي في مخازن وزارة الإعلام فهناك عشرة آلاف قطعة مسجلة و22 ألف قطعة غير مسجلة، ولحد الآن لم نستطع تسجيل كل القطع الموجودة على الرفوف. لذلك تم اقتراح توسعة غرف المتحف لاستضافة عدد أكبر من المقتنيات، ومن هنا جاءت فكرة الاستثمار في المتحف.

– عيسى أمين: قبل ثلاث سنوات تم التعاقد مع شركة لنقل هذا العدد الهائل من المقتنيات الأثرية الموجودة في مخازن وزارة الإعلام إلى مخازن وزارة الثقافة فتم الاستعانة بثلاثين شاحنة «لوري» واشتغل الفريق لمدة عشرة أيام ليل ونهار فقط لصف المقتنيات على الرفوف دون توثيقها.

ويؤكد فرج «نعم، وعيسى أمين تقدم حينها بمشروع لتوسعة غرفة المقتنيات الموجودة في المتحف لاستضافة الكم الهائل الذي كان منسي في وزارة الاعلام» ثم يضيف «ما حدث منذ عام 1988 حين افتتح متحف البحرين الوطني هو أننا واصلنا في التنقيب فازدادت المقتنيات وأصبح هناك حاجة وطلب كما تفضل أمين لتوسعة المخازن. وفي الواقع لدينا الآن كم هائل، لو قضينا العشرين سنة المقبلة في تسجيله ودراسته وترميمه فلن ننتهي مما هو موجود. بقدر الإمكان نتواصل مع الناس لتعرف عمل الوزارة وما يحدث في المتاحف وعمليات التنقيب التي تتم. أفضل مثال على هذا معرض تايلوس المتنقل الذي يغطي الفترة الهلنستية منذ زيارة بواخر الإسكندر في 300 قبل الميلاد حتى الفترة 600 بعد الميلاد. هذه الفترة لم تكن مدروسة».

ويتداخل أمين: نعم وكان هناك عهد فارسي قبل فترة الاسكندر، دمره الاسكندر ثم جاءت فترة الثقافة الإغريقية التي اخترقت المنطقة كلها للهند وهي الفترة الهلنستية التي تم خلالها الاختراق الثقافي بين الإغريق والشام. بعدها أصبحت البحرين مسيحية وهناك آثار مسيحية لاتزال موجودة لحد الآن ولكنها غير مدروسة وتوجد لدي وثيقة مكتوبة بالسريانية تذكر حضور أسقف سماهيج وأسقف قطرايا أي قطر وأسقف دارين وهي في المنطقة الشرقية اجتماع مهم يفصل الكنيسة المحلية عن الكنيسة البيزنطية تحت نسطور، أي أنهم أصبحوا نساطرة. هذا جزء غير مدروس.

ثم يلتقط فرج الحديث مرة أخرى، ويقول مؤكداً «لا يوجد شبر في هذا البلد لا يوجد فيه تاريخ. يعتمد الأمر على المدى الذي تريد أن تصل إليه في حفرك. المقتنيات والدراسات التي صدرت عن فترة تايلوس بعد افتتاح المتحف والقاعة التي أسست لتايلوس وهي مشتركة بين فترة تايلوس والفترة الإسلامية وعدد مقتنياتها عدد بسيط فلم نكن درسناها. فقبل 2009 قامت وزارة الثقافة بتشكيل مجموعة من المقتنيات وعرضها كمعرض متنقل لفترة تايلوس في البحرين وتنقل هذا المعرض في ثلاث إلى أربع متاحف عالمية».

وللإجابة عن سؤال المنتدى، فهذا أفضل مثال على دور المتاحف في التواصل مع الشعوب من خلال مقتنياتها. هذه المقتنيات منذ التنقيب عنها ظلت في المخازن ولم تعرض. وهذه تجربة ناجحة كأول معرض متنقل على مستوى عالمي، كان الكاتلوج المصاحب ممتاز والأبحاث قوية والدراسات المقدمة معه لم تكن مجرد دراسات سطحية. كان معرضاً متكاملاً، يشمل كل النواحية التراثية والثقافية. من جهة أخرى، للوزارة جهود كثيرة في الحفاظ على التراث المادي وغير المادي بصفة عامة. وبالنسبة للتراث المادي فهناك المباني التراثية التي نستملكها ونحافظ على ترميمها وفتحها للزوار ونشكل عدة لجان من المختصين للدراسة ومتابعة هذه المشاريع. تحدثنا عن المعارض المتنقلة إلى جانب معرض تايلوس هناك معرض الفنون التشكيلية ومعرض للمعمار تتنقل بين عدد من الدول.

وأريد أن أتطرق لبعض النقاط التي تحدث عنها أمين مثل المواقع الأثرية. لدينا ثلاثة متاحف تحت إدارة المتاحف وهي المتحف الوطني ومتحف موقع قلعة البحرين، وقاعة العرض الموجودة في متحف قلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح في الرفاع. هذه المباني اكتملت ولم يعد فيها مكان لاستضافة مقتنيات أخرى، وبعد التفكير في علم المتاحف فليس من الضروري أن يكون كل شيء في المتاحف، ولم تعد الزيارة تقتصر على هذه المباني، إذ يستطيع الزائر الانتقال من المتاحف إلى المواقع الميدانية الأثرية ويراها على طبيعتها. ونحن حالياً نعمل على مركز معلومات لمعبد باربار ومركز معلومات لزوار مسجد الخميس وقريباً مركز معلومات في مركز الزوار لشجرة الحياة، وغيرها من الأماكن الأثرية. بالنسبة للمتاحف قدمنا لتخصيص موازنة لبناء 3 متاحف جديدة منها متحف مستوطنة سار التي صممها المهندس تداو أندرو، وكذلك لدينا فكرة متحف للأطفال الذي سيكون قريباً من متحف البحرين الوطني، وفكرة متحف جديد للفن الحديث، وقريباً أوصى بإنشائه في يوم المتاحف العالمية سمو رئيس الوزراء وأعطاها أهمية بين المشاريع، أضف إلى ذلك فلدينا شبه متحف وخطط لمركز للزوار للفخار ومتحف في عالي.

الأمر المهم بالنسبة لتواصلنا هي المتاحف العامة مثل طريق اللؤلؤ، وقلعة البحرين، هذه مواقع أدرجت في لائحة التراث العالمي، ونعمل على إعداد ملف لترشيح المدافن في عالي وغيرها لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي في اليونسكو، ولكي نصل لكل هذه الأشياء نتواصل مع خبراء من كل أنحاء العالم في جميع المجالات ليس فقط في المجالات المتحفية والآثار بل حتى في الحرف اليدوية ونحاول إعادة إحياء الحرف اليدوية البحرينية القديمة في مركز الجسرة للحرف، ولدينا عدة مشاريع أهمها إطلاق مصنع النسيج في بني جمرة لكن إمكانياتنا المادية في وزارة الثقافة محدودة ونحن نعمل على ما نستطيعه حيث الخارطة والدراسات جاهزة ونريد إحياء هذه المشاريع.

ميزانية الوزارة

– إيلي فلوطي: كثير من المشاريع تقوم بها الوزارة كدراسة أولى وهي مكلفة في عملها وتصميمها ولكن لتنفيذها تعتمد الوزارة على الاستثمار في الثقافة، فأكبر متحف في السنوات الأخيرة وهو متحف موقع قلعة البحرين، جاء نتيجة الاستثمار وهذه سياسة الوزيرة، الاستثمار في الثقافة أو لدى القطاع الخاص المشارك لدعم هذه المشاريع، ولذا تتأخر بعض المشاريع في حال عدم توافر الموازنة.

– عيسى أمين: هناك بعض الإشكاليات فهناك موقع مستوطنة سار، الدراسة موجودة منذ 12 عاماً لكن المستوطنة ملك خاص وإذا وفر الديوان الملكي ووزارة المالية وفرا الدعم المالي، فاسترجاع هذه الأرض لن يكون عليها أي مشاكل. المواقع الأثرية المحيطة بقلعة البحرين كلها ملك خاص، وكلها هبات، وبإمكان الدولة أن تعطي مقابلها هبات في مواقع أخرى. هذه المواقع معطلة لا المالك يستطيع أن يستثمرها ولا الدولة حاولت إعادة استملاكها.

نحتاج أولاً إلى جرد المناطق الأثرية وتدوين وتوثيقها وإعادة النظر فيها من حيث الاستملاك أو تركها وإهمالها وتنقب أو لا وبالتالي ترصد موازنتك. مثلاً معبد باربار ومعبد القمر في مستوطنة سار الاثنان مبنيان بحجر جيري وتعرضه للشمس والمطر خلال سنوات سيتهدم ويندثر ولا يمكن أن يبنى من جديد، الأثر يبقى أثراً، لذلك فإن الديوان الملكي ووزارة المالية ووزارة الأشغال ووزارة الثقافة والإسكان والبلديات كلهم مسئولون عن هذا الأمر. تأمل شارع البديع على امتداده توجد آثار عليها أسلاك شائكة ولكنها مواقع متهدمة. مثال وتعرفه الوزيرة مدرسة عائشة أم المؤمنين هي بيت بناه أحد أفراد عائلة بوشهري اسمه جمعة بن ناصر بوشهري لبعثة تبشيرية أميركية 1889 جاءت للبحرين وسكنوا فيه وافتتحت فيه أول مدرسة للفتيات في البحرين على نظام أميركي، ولديّ صورة للطالبات ومدرستهن وكانت المدرسة للمواطنين وللملتحقين بالبعثة التبشيرية من العراق وأجريت فيه أول عملية جراحية في البحرين أجراها طبيب من جون أوبكنز في حوش المدرسة عام 1902 وكانت مقراً لمدرسة العجم الأولى، ومقراً للجعفرية الأولى ومقراً للهداية الخليفية في المنامة ومقراً لعائشة أم المؤمنين، ونحن نحلم بلوحة صغيرة تشير إلى أنه هنا كان مقر مدرسة عائشة أم المؤمنين الأولى التي حدثت فيها كل هذه الأحداث. هذا الأمر مسئولية وزارة التربية والجميع.

– رشاد فرج: عودة لبرامج وزارة الثقافة في تطوير الأسواق القديمة واستعادة الحياة التجارية والاجتماعية اليوم ساحل السيف بقرب موقع قلعة البحرين صار ملتقى للأهالي للجلوس على البحر في المقهى ويأخذون فيه جولة رياضية على البحر وهذه أمور جانبية تطلع لها الناس بعد وجود الموقع فحين تكون البنية التحتية موجودة تأتي الناس لهذا المواقع ليحتكُّوا بها. نحن نرفع من مستوى وعي الشعب بتاريخ البحرين، وهذا أمر لا يحدث بين يوم وليلة. الجميع يلعب فيه دوراً، نريد أن نجمع الناس في هذه الأماكن في الأسواق وفي المحرق وفي القيصرية أو في موقع أحمد الفاتح ويجلسوا في المقاهي الشعبية وتوفر لهم ما يريدون وهذا ما نفعله في متحف البحرين الوطني إذ نوفر كل الخدمات المصاحبة من مقهى ومتجر الهدايا والمكتبة لجذب الباحثين الذين لديهم تطلع للتاريخ وحب للتراث ومن خلالها نوصل للمجتمع لكن كل هذا يتعلق بالتراث المادي وأترك الحديث عن التراث غير المادي للدكتور ايلي.

– إيلي فلوطي: التراث غير المادي تعطيه اليونسكو اهتماماً كبيراً ولدي نقاط بسيطة هي أن وزارة الثقافة خصصت هذا العام وهو عام «الفن عامنا» للاحتفاء بأربعين عاماً على افتتاح معرض البحرين للفنون التشكيلية حيث حاولت توثيق الفن التشكيلي الذي لم يتوقف في كتاب بحريني عن الفن التشكيلي وهو الجزء الأول وخطتنا أن نقدم منه أجزاء بدأنا فيه بالأسماء الكبيرة في الفن كتبته مها سلطان التي جاءت لمدة ثلاثة أشهر لوضع الكتاب. كذلك صدر كتاب مقتنيات المتحف يوثق مادياً هذا التراث. وفي الوقت نفسه بعد افتتاح مسرح البحرين الوطني تساءل البعض: أين الفنان البحريني من هذا المسرح؟ وهذا حق كل شخص ولهذا السبب الوزارة أرسلت دراسة لوزارة المالية لإنشاء فرقة عروض بحرينية ولن نقول رقص لكي لا نننتقد فنحن نتحدث عن فن الصوت والتراث الفني بشكل عام وبعض الرقصات البحرينية لكي تكون هناك فرقة بحرينية مع مختصين عالميين تعمل على مستوى عالمي وتمكننا من التبادل الثقافي مع مهرجانات الاستعراض في العالم بشروط فكما نأخذ منهم نعطي شيئاً باسم البحرين بهذا التراث غير المادي فالوزارة تعمل على هذه النقطة بتشكيل فرقة عالمية.

وبخصوص فرقة الاوركسترا الوطنية التي لا نعرف عنها كثيراً وهي بعيدة عن الوزارة والبعض لا يعرف إن كانت تابعة لوزارة الإعلام أم للثقافة، فإن وزارة الثقافة تعمل على تطوير هذه الفرقة بطلب من مختصين معروفين عالميين بمرحلة متقدمة للحفاظ على هذا التراث. هناك أيضاً حضور للفن البحريني كتراث غير مادي من فرقة محمد بن فارس في قلالي أو الفرق الفنية التي تحضر بكل مهرجاناتنا اليوم في فرانكفورت وكانوا في دبي والجنادرية ولدينا السنة في الصين في عاصمة السياحة الآسيوية نهاية العام. دائماً هذه الفرق ترسلها الوزارة لعرض التراث غير المادي إلى هذه الأماكن. هناك أيضاً مهرجان التراث السنوي الذي خصص هذا العام للحياكة والألوان. السنة المقبلة سيكون عنوانها «تراثنا عنواننا» وستحتفي بالتراث بكل أنواعه. لم ننتهِ من وضع الاستراتيجية لكن في كل شهر من العام المقبل سنحيي التراث في البحرين وخارجها، وسنطلق فرقة الاستعراض وهناك أيضاً عبر دورات ومحاضرات كثيرة لتطوير المهن. وآخر نقطة لها أهمية أن الوزارة فعلت الكثير ليكون لدينا المركز الإقليمي التراث العالمي وهو موجود لكل التراث العربي وهو ممول من الحكومة البحرينية.

وللباحثين رأي

– منصورة عبدالأمير: محدثنا التالي هو الباحث حسين محمد حسين، وهو حاصل على ماجستير من جامعة السوربون في تخصص الوراثة الجزيئية ووراثة الشعوب، وله مجموعة من البحوث التي نشرت في عدد من المجلات المحكمة العالمية مثل مجلة American Journal of Hematology ونيويورك أكاديمي أوف ساينس، وسيتحدث عن المشاكل التي تواجه الباحثين في توثيق تاريخ البحرين القديم.

– حسين محمد حسين: ما أقدمه هو خلاصة لملاحظات بشأن توثيق تاريخ البحرين القديم بعضها عشته كتجربة شخصية خلال 20 سنة من عملي البحثي في التاريخ القديم وجمع المراجع القديمة وكل المستجدات في تاريخ البحرين، عند الحديث توثيق تاريخ البحرين القديم فإن هناك جانبين، جانب مشرف ومشرق وهو ما تم توثيقه، وجانب مظلم. والحديث سيكون عن الأسباب التي أدت لوجود هذا الجانب المظلم. في واقع الأمر، هناك عدد من الملاحظات التي يمكن تصنيفها تحت ثلاث عناوين أساسية، كل عنوان يحمل نوعاً من التناقض ولكن هذا التناقض هو الذي نعيشه في عملية البحث، من هذه الملاحظات ما تم توثيقه من قبل مختصين زاروا البحرين لعمل دراسات عن تاريخها وثقافتها وتراثها الوطني، فسجلوا ملاحظات، بالإضافة لملاحظات واضحة للجميع ولا تحتاج لأخصائي ليدونها لكنها تحتاج لمتابعين للساحة المحلية… العناوين الثلاثة عبارة عن مجموعة تناقضات…

أولاً ضخامة الإنتاج العلمي وفي مقابلها تفشي الأمية في التاريخ بين العامة والتي هي آخذة في الانتشار حتى بين المهتمين والباحثين، حين نتكلم عن ضخامة الإنتاج العلمي في تاريخ البحرين فإن هناك المئات بل الآلاف ففي مكتبتي الصغيرة فقط جمعت من الدراسات التي كتبت عن حضارتي دلمون وتايلوس ما بلغ أكثر من 600 عنوان كتبت بين الأعوام (1890 – 2014) فكيف تكون هناك أمية؟

ولكن هذا الكم الضخم غير متوافر للعامة وحين ننظر للسوق المحلية التي عندنا نجد أن المتوافر في الأسواق المحلية للبيع هي عدد بسيط وبالتحديد المراجع القديمة التي صدرت ما بين (1890 – 1970) مع ترجيح كفة المراجع القديمة من خلال ترجمة البحوث القديمة فقط، وكل ما فيها هو نظريات وفرضيات لم تعد تناقش الآن ولا تذكر في المراجع الحديثة، معنى ذلك أن المتوافر في الأسواق يزيد الأمية ويؤدي إلى تفشي الجهل بحقيقة هذا التاريخ؛ لأنه يستقي معلومات قديمة جداً، أما المراجع الحديثة فهناك صعوبة في الحصول عليها فهي غالية وغير متوفرة ولا أحد يبيعها في البحرين على رغم أنها من إصدار متحف البحرين، بالإضافة إلى أنه لا توجد لدينا دورية متخصصة في الآثار رغم الكم الكبير الموجد عندنا من التنقيبات والكم الكبير الموجود في المخازن، فلا توجد متابعة لنشر النتائج أولاً بأول، فإما أن تكون لنا علاقة بمراكز البحوث الخارجية أو من المستحيل الوصول لهذه الدراسات، فأنت تتكلم عن 600 دراسة أقل دراسة قيمتها من 40 – 60 دولاراً. هذا بالإضافة إلى ندرة الإنتاج المحلي بينها. تقول الباحثة إليزابيث براونين دينتون التي قدمت رسالة دكتوراه عن البحرين في الفترة الكاشية «من جملة ملاحظات عن صعوبات كتابة تاريخ حضارة دلمون، بما معناه، لا يمكن لبحريني أن يكتب كتاباً عن دلمون إما لنقص المراجع أو لنقص التدريب والعلم.

نتيجة هذا البحث العلمي الضخم غير المتوافر صارت هناك أمية عن تاريخ دلمون وتايلوس، رغم أن آخر ما كتب عن تايلوس هو في 2013م تنفي كل ما كتب سايق عن تايلوس فسابقاً كانوا يتكلمون عن جزيرة البحرين، بينما تايلوس هي إقليم جيو بوليتك وحدة متكاملة لا تضم البحرين فقط بل تضم إقليماً بأكمله هذه المعلومة في 2014 توافرت وكما كان مكتوباً سابقاً فإن هذه النتائج تلغيه.

بينما كل ما لدينا هو إعادة إنتاج الفرضيات القديمة بشأن دلمون وتايلوس: جلجامش – (دلمون مقبرة السومريين)… الفينيقيون وتلال عالي. وهذه فرضيات لا تناقش في الدراسات الحديثة فقط ثبت خطأها.

إرث دلمون غير المنشور

مع كل ذلك الإنتاج العلمي الضخم هناك إرث لديلمون وتايلوس غير منشور. أين هو؟ من خلال كلام المختصين هناك ثلاث ملاحظات تؤكد على وجود إرث غير منشور عن دلمون.

أحدها ما يوجد في مخازن متحف البحرين. والذي تقول عنه براونين دينتون من جملة ملاحظات بشأن صعوبات كتابة تاريخ حضارة دلمون. يوجد في مخزن متحف البحرين كنوز لن ترى النور أبداً. والأدهى من ذلك صعوبة الوصول لهذه الكنوز ودراستها. وتعقب بعد ذلك قائلة (أتحدث عن تجربة) تتحدث عن معايشتها لخبرة عملية في البحرين.

والأدهى من ذلك ما يوجد في متحف هيرست في جامعة كاليفورنيا وهي معلومة انتشرت في 2012م حيث قام كورونوال بالتنقيب في البحرين في العام 1941م. وجمع مقتنيات من قرابة 38 قبراً (في الغالب قبور ملكية). من هياكل عظمية وفخار وما إلى ذلك. بالعامية «نظف القبور» وقد أرسل هذه المقتنيات إلى متحف هيرست في كاليفورنيا وبقت هناك. هذه المقتنيات لم تنشر وحالياً يوجد مشروع لنشر هذه المقتنيات، وقد نشر في العام 2012م تعريف عن هذا المشروع تحت عنوان «النظرة الأولى لمقتنيات كورونوال» في متحف هيرست. متحف موزكارد قضى 20 عاماً في تحليل ونشر اللقى الآثارية للبعثة الدنماركية ونشرة في سلسلة بدأت في العام 1994م. متى ستنشر نتائج مقتنيات متحف هيرست.

والأدهى من ذلك مازال يوجد نقص في عمليات التنقيب لسد الحلقات المفقودة فمازلنا نحتاج للتنقيب في مواقع معينة في البحرين، وهي مواقع يعتبر التنقيب فيها هو الحل الوحيد لاستكمال حلقات الحقب التاريخية في البحرين. فهناك حلقة مفقودة من تاريخ أوال تمتد ما بين العامين 400 – 900 ميلادية. القرن العاشر من هذه المواقع المهمة تل يوجد في منطقة جدحفص وهذا التل يتناقص عاماً بعد عام ويوجد حالياً في فناء مدرسة بنات في جدحفص، وهذا التل مهم جداً حين الكلام عن الفترة الإسلامية المبكرة، هناك 500 سنة مفقودة من تاريخ البحرين، رغم وجود مادة نظرية عن هذه الفترة ولكنها تحتاج إلى تعزيز بالبحث والتنقيب في هذه الطبقات الأثرية.

التراث اللامادي المفقود

هناك كم كبير من التراث الشعبي في البحرين الذي لم يوثق بصورة متكاملة كالأمثال والأهازيج والمواويل الشعبية كمواويل الزاجرة أو المواويل الزراعية الأخرى.

وحتى الجزء الموثق من هذا التراث فقد وثق بصورة انتقائية، فأجزاء مما وثقت لا تعكس الواقع المعاش بل يدخل عليه تعديلات وتحريفات. مثل مصطلح «الحية بية» الذي بدأ ينتشر وأصل هذا المصطلح التسمية القديمة الحجة أو الحاجية. والمشكلة ليس فقط في إهمال المسميات القديمة بل في التحليل الخاطئ فقد حلل البعض أصل مصطلح حية بية على أنه «حياك وبياك». وبالمثل عند توثيق تاريخ صناعة السفن يتم توثيق ذلك على أنها مهنة خاصة بطائفة معينة وهذا غير الواقع… فيذكر البعض أن أصل مصطلح قلافة (صناعة السفن) ليس بالقاف وإنما بالغين أي غلافة ويعلل هذا التحريف بأن العاملين في مهنة صناعة السفن يقلبون الغين قاف. أي أنه ينسب المهنة لفئة عرقية معينة.

من النقاد بشأن الطريقة الانتقائية والخاطئة في التوثيق دراسة لكلايف هولز عن المسلسلات التي عرضت في تلفزيون البحرين مثل (البيت العود وفرجان لول) حيث يؤكد هولز أن الواقع غير وما يوثق غير فقد نسب ما لطائفة معينة لطائفة أخرى بالإضافة لتضمين أجندات معينة. في الواقع هولز يتحدث عن سياسة (تمثيل الذات وإقصاء الآخر) وهذه مشكلة عالمية يقول عالم الاجتماع الفرنسي (بيير بورديو) في كتابه «اللغة والسلطة الرمزية» أنه عندما تسيطر فئة عرقية معينة على مؤسسات معينة فإنها تسعى لتمثيل نفسها وإقصاء الآخر». وما يقوله بورديو ينطبق تماماً عن توثيق اللهجات في البحرين فنحن لانزال نفتقد لـ (متحف خاص باللهجات) حيث يحفظ فيه تسجيل صوتي للهجات في جميع مناطق البحرين مع رسم خارطة لتوزيع الظواهر اللهجية في البحرين.

وللأسف الشديد عند توثيق اللهجات في البحرين يعنى بلهجة واحدة معينة فعلى سبيل المثال كتاب «أصول لهجة أهل البحرين» يصف لهجة واحدة فقط ويسميها لهجة أهل البحرين وفي صفحتين يكتب هناك لهجة أخرى هي اللهجة الجعفرية.

النتيجة النهائية

عدم توفر المراجع، والحاجة لتنقيبات جديدة، الانتقائية في توثيق التراث وعدم الحيادية في توثيق التاريخ (على رغم وجود جانب مشرق نعترف بوجوده) ولكن كل ذلك إلى الفوضى في توثيق تاريخ البحرين القديم. حيث هروب المختصين من الساحة إذ اكتفى الأخصائي بالنقد الشخصي غير العلمي مع عدم توافر البديل وتركت الساحة لكل من يريد أن يكتب (كردة فعل على التهميش المتعمد) فالعاطفة تغلب وتغيب الكتابة العلمية.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4277 – السبت 24 مايو 2014م

أضف تعليق

مرايا التراث

في تاريخ وتراث البحرين