Monthly Archives: 26 سبتمبر, 2015

كرزكان وجاراتها: حضارة نشأت قبل قرابة خمسة آلاف عام

صورة تخيلية للقرى التي سبقت حقبة دلمون في شرق الجزيرة العربية (1988 Rice)

تشير الدراسات الآثارية إلى أن الاستيطان بدأ في البحرين منذ أن تكونت كجزيرة، إلا أن هوية الجماعات التي استوطنتها غير محددة، فلا يوجد شيء خاص بها يمكن أن نجعل منه رمزاً لهويتها؛ فكل ما عثر عليه شبيه باللقى الآثارية التي عثر عليها في مناطق أخرى في شبه الجزيرة العربية (Cleuziou 1999). وفي الحقبة الممتدة بين 5300 – 4300 ق. م. نشأت علاقة بين الساحل الشرقي للجزيرة العربية والجنوب الرافدي، وهي الحقبة التي عرفت باسم الحقبة العُبيدية (Carter 2006). وبدأ ظهور فخار العُبيد في البحرين منذ نهاية الألف الخامس الميلادي؛ حيث وجدت هذه الكسر بشكل خاص في مستوطنات صيادي السمك في منطقة المرخ (ليست هي قرية المرخ)، وموقع عين أم إجراي في كرزكان ومنطقة أخرى بين قريتي الدراز وباربار (Larsen 1983, appendix II).

بعد الحقبة العُبيدية حدثت قطيعة بين الجنوب الرافدي وشرق الجزيرة العربية؛ وربما يعود ذلك لتغير الظروف المناخية التي أدت إلى أن تكون منطقة شرق الجزيرة العربية شبه خالية من السكان (Uerpmann 2003). وفي قرابة العام 3300 ق. م.، أي في بداية حقبة جمدة نصر في الجنوب الرافدي، بدأت العلاقات تعود بين شرق الجزيرة العربية والجنوب الرافدي؛ حيث عثر على آثار في شرق الجزيرة العربية تدل على وجود استيطان في الحقبة 3300 – 2400 ق.م (Piesinger 1983, p. 467). أما في البحرين، فتشير الدراسات الأولية، إلى أنه لم يتم العثور على دليل واحد، ذي قيمة، يدل على وجود استيطان عليها في هذه الحقبة (بوتس 2003، ج1، ص 172). وبالتالي، نشأت ثغرة تاريخية غريبة، وهي عبارة عن فجوة من مئات من السنين بين انتهاء الحقبة العُبيدية قرابة العام 3500 ق. م. وحتى الفترة التي ظهرت فيها هوية مميزة للحضارة في البحرين وذلك في قرابة العام 2300 ق. م.

Continue reading →

آل عباس والعالي يدقان ناقوس الخطر: آلاف المخطوطات التاريخية أخرجت من البحرين… وإنشاء «مركز للتراث» ضرورة

مخطوطة بيعت في الكويت بـ 7 آلاف دينار… البحرينيون في سبات والعلماء مقصرون

مخطوطة للشيخ أحمد بن سعادة وعمرها 750 عامًا تقريباً‎

مخطوطة للشيخ أحمد بن سعادة وعمرها 750 عامًا تقريباً‎

كتب – محمد العلوي 

دق الباحثان جاسم آل عباس والشيخ بشار العالي، ناقوس الخطر، بعد كشفهما عن خروج آلاف المخطوطات والوثائق التاريخية من البحرين، واستقرارها في عدد من البلدان شملت دولاً خليجية كالكويت ودبي والقطيف، إلى جانب إيران، العراق، والهند.

عطفاً على ذلك، رأى الباحثان أن لا مناص للبحرينيين من إنشاء مركز مختص ويعنى بالتراث المخطوط، وتحقيقه، وطباعته ونشره، ليسهم عبر ذلك في حفظ تراث أجدادهم والذي يمتد إلى مئات السنين، بما يشكل في مجموعه ثروة تاريخية تبرهن على النهضة العلمية التي شهدتها البحرين على مدى قرون.

ووجه الباحثان اللذان باتا يشكلان ثنائيّاً في الاهتمام بتاريخ البحرين وجمع مخطوطاته القديمة، عتاباً شديداً إلى البحرينيين، بما في ذلك الجهات الرسمية والأهلية وحتى العلمائية، وقالا: «سعينا مسبقاً لإنشاء هذا المركز وذلك من خلال عرض المشروع على علماء دين، غير أننا اصطدمنا بعدم الاهتمام وعدم الاكتراث والتقصير».

13

الشيخ بشار العالي

يقول العالي، الذي يتحدث عن امتلاكه نحو ألفي مخطوطة: «نحن على استعداد للتعاون التام مع الجهة التي ستتبنى إنشاء المركز، وأنا شخصيّاً جاهز لمده بكل ما لدي من مخطوطات، شريطة أن نرى جهوداً جادة عبر توفير الغطاء المادي للمركز، تمامًا كما هو موجود في القطيف التي تحتوي 5 مراكز مهتمة بهذا الجانب، تنفق الأموال لشراء المخطوطات وتدوينها».

يأتي ذلك، بعد نجاح «الثنائي التاريخي»، في جمع آلاف الوثائق، أحدثها نسخة لمخطوطة عمرها ثمانية قرون تحمل اسم «تعريف أحوال سادة الأنام»، وهي من تأليف ناصر الدين الشيخ راشد الجزيري البحراني (توفي في 605 هـ – 1208م)، غير أنهما بيّنا أن ما استرجع حتى اليوم لا يمثل إلا الربع من مجموع المخطوطات البحرينية.

وبحسب التوضيحات، فإن المخطوطات المحصلة تعود إلى شخصيات علمائية، بينها الشيخ ميثم البحراني، سيد هاشم التوبلاني، الشيخ أحمد بن سعادة، وتلميذه الشيخ علي بن سليمان.

بدوره، تحدث آل عباس أكثر عن مخطوطة ناصر الدين الشيخ راشد الجزيري، ليقول: «ما بحوزتنا هو نسخة مصورة للنسخة الأصلية والموجودة في مركز إحياء التراث الإسلامي بمدينة قم في إيران، وهي منسوخة بخط محمد بن عبدالله بن محمد الحافظ في العام (683 هـ)».

فيما يعود العالي إلى الحديث حول «مشروعه الحلم»: «من الضروري أن تشهد البحرين إنشاء مركز مهتم بالمخطوطات، يعمل كبنك للمخطوطات العلمية والتراثية»، مقترحاً أن تتبناه جمعية أهلية أو أحد علماء الدين.

وتطرق إلى واقع التعاطي المجتمعي مع المخطوطات، فقال: «الحاصل أن غالبية من يمتلك هذه المخطوطات، يحتكرها ويتعامل معها كملك خاص لا تراث وطن، فحتى مع تأكيدنا على رغبتنا في طباعتها والاستفادة منها، نواجه بالرفض والتعاطى مع الموضوع من منظور ضيق، كأن يقول من يمتلكها: «ان هذه مخطوطة جدي» فيتعاطى مع الأمر من باب الوجاهة».

وأضاف «هنالك من حاول طباعة كتب تصنف على أنها من المراجع، لكنها لاتزال مخطوطة، فكانت النتيجة التعثر بعقبة عدم التعاون، على العكس تماماً مما نراه في الخارج، حيث يكفي أن ندفع مبلغ التصوير للحصول على نسخة من المخطوطة».

واستشهد العالي على ذلك، بتجربة شخصية أوضحها بالقول: «على سبيل المثال لدي مخطوطة لموسوعة للشيخ حسين العلامة، استغرقت مني محاولات الحصول عليها 6 سنوات، وكان ذلك فقط من أجل كتاب واحد ناقص من هذه الموسوعة، وعلى رغم أن سعيي كان فقط من أجل تصويره، فإنني كنت أواجه بالرفض في كل محاولة».

وأردف «تعبنا من تقديم الاقتراحات إلى الجهات العلمائية، ما اضطرنا إلى العمل بشكل فردي تماماً، كما يفعل الشيخ محمد عيسى المكباس».

ووفقاً لتأكيدات الباحثين آل عباس والعالي، فإن ما طبع حتى اليوم لا يمثل الربع من إجمالي عدد المخطوطات، والتي تعود بعضها إلى موسوعات وكتب تاريخية، في السيرة والعقائد والفلسفة وعلم الكلام، وجميعها تنتظر الطبع والتحقيق وتوفير نسخ.

main_loc-11-3

جاسم آل عباس

بجانب ذلك، نوه الباحثان إلى الحاجة الماسة إلى الجهود الجماعية، فـ»الحاصل أننا نسعى جاهدين إلى الحصول على المخطوطات ثم نطبعها على حسابنا وبعد ذلك لا نجد من يشتريها؛ لأن اهتمام الناس بالكتب التاريخية متدنٍّ جدّاً»، وأضافا «الموجود أكثر من 3 آلاف عنوان، للسيد هاشم التوبلاني منها 50 عنواناً من ضمن مؤلفاته، طبع منها القليل».

كما اعتبرا أن الحديث عن هذه المخطوطات هو حديث عن نهضة علمية مجهولة، وتابعا «أهم المكتبات التي تضم نفائس المخطوطات نقلت خارج البحرين على فترات، قِسمٌ منها ذهب الى بوشهر، وقسم كبير آخر ذهب الى النجف، وثالث الى إيران توزعت على مكتبات مختلفة، ورابع ذهب إلى الهند، وخامس كبير جدّاً ذهب الى دبي، وسادس ذهب إلى القطيف».

واختتم آل عباس والعالي حديثهما بالإشارة إلى أن «طبيعة المخطوط تجعل منها شيئاً أثريّاً له قيمة، خلافا للمطبوع، ولهذا يجد الاقبال، فيتنافس على شرائه سماسرة المخطوطات، وبسبب عدم وجود من يشتريها من البحرينيين، تتنقل إلى بلدان عدة، بينها الكويت التي شهدت بيع مخطوطة بحرينية بمبلغ 7 آلاف دينار كويتي، ودبي التي تحوي كثيراً من المخطوطات البحرينية واشتراها مركز جمعة الماجد».

وجه مخطوطة ناصر الدين الشيخ راشد الجزيري وعمرها 8 قرون‎

الصفحة الأخيرة من مخطوطة ناصر الدين الشيخ راشد الجزيري وعمرها 8 قرون‎

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4760 – السبت 19 سبتمبر 2015م

رحيل «حكواتي الغواصين» عميد عائلة الجمري بقرية باربار

الفقيد الحاج خليل الجمري

الفقيد الحاج خليل الجمري

كتب – محمد الجدحفصي

فقدت قرية باربار أمس الجمعة (18 سبتمبر/ أيلول 2015) عميد عائلة الجمري الحاج خليل الجمري المعروف بـ «حكواتي الغواصين»، وشيع العشرات من أهالي القرية جثمان الفقيد، وقد ووري الثرى بمقبرة القرية وسط مشاركة واسعة من الأهالي في مراسيم التشيع.

إلى ذلك قال السيدطاهر المحافظة: «إن الحاج خليل عرف عنه أنه كان الحكواتي الذي لا يمل حديثه، حيث التحق بمهنة الغوص، ومن ثم عميل أجيرا في الزراعة، وأنشأ له مع أخيه الحاج سعيد وأبناء عمه المرحومين الحاج عبدالله والحاج علي الجمري مزرعة خاصة بهم».

وأضاف «كما عمل الفقيد في فترة من الفترات صيادا للسمك بجميع أساليبه وارتبط بالبحر ارتباطا وثيقا جعله بعيدا عن مهنة الزراعة، حتى أصبح ربانا ماهرا في أحلك الظروف البحرية وأصعبها، وكان مشهودا له بفطنته في رسم الحظور مصائد الأسماك وبنائها ودرايته الواسعة عن الأسماك ومناطق تواجدها».

وتابع «وفي الثمانينات القرن الماضي، بعد فراغه من صيد الأسماك مع رفاقه تعرض لحادث بحري؛ حيث اصطدمت السفينة (بانوش) بجسم صلب في عرض البحر؛ فغرقت بهم، واستمروا في عرض البحر، حيث استعملوا الحبال وكل قطعة خشب تخرج من السفينة على سطح البحر فيشدوها بالحبال ويجمعوا أنفسهم لكي لا يبتعد أي أحد منهم عن الآخر. وبالمقابل كان أهالي القرية في حالة قلق شديد على أرواحهم، وخاصة بعدما استعلموا من خفر السواحل أن لا وجود لهم في عرض البحر، واستمر بهم الحال قرابة 18 ساعة، إلى أن أتى أحد بحارة القرية بسفينته وأنقذهم في صباح اليوم التالي، فأنجاهم الله من الموت المحتم برحمته».

وتابع «قام الفقيد بشراء سفينة أخرى، بعد أن رأى إخوته البحارة بلا وسيلة عيش، إذ عز عليه ذلك، واستمر مع صحبته ورفاقه حتى حدثت حالة وفاة لأحد البحارة في سنة 1991 وهو الحاج يوسف الشويخ، وذلك أثناء ممارسة صيد الأسماك حيث اختفى في عرض البحر، وتأثر الفقيد كثيرا وحزن على رفيق عمله، وقرر ألا يعود إلى البحر، وعاد إلى الزراعة مرة أخرى».

وأضاف «كما عمل الفقيد فترة ليست بالقصيرة في تغسيل الموتى، وكان يرفع الأذان بين الفينة والأخرى حال تواجده في القرية وقت الصلاة. ومن الأعمال التي كان يمارسها: تشذيب النخيل وقطف ثمارها حيث عرف بمهارته في ذلك، كما كان الفقيد معروف بالمراخ، والفقيد من الأشخاص المحبوبين بالقرية لكونه يتصاحب مع الجميع دون استثناء».

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4760 – السبت 19 سبتمبر 2015م

الوكيل الحاج إبراهيم بن محسن بن رجب

IMG-20130827-WA0036

صورة ارشيفية لاحدى قرى البحرين منتصف القرن الماضي

بقلم محمد حميد السلمان
من المعروف أن نظام المقيم السياسي البريطاني في الخليج قد جاء من عباءة شركة الهند الشرقية الإنجليزية منذ العام 1763 واستمر حتى العام 1971.

وقد تم اختيار ميناء بوشهر الايراني موقعاً دائماً للمقيم ولموظفي هذه الهيئة السياسية الانجليزية. وكانت مهمة المقيم الحفاظ على درجات متفاوتة من السيطرة السياسية والاقتصادية لصالح بريطانيا العظمى على منطقة الخليج وحكامها.

وبعد نحو العام من توقيع اتفاقية 1861 بين بريطانيا والبحرين؛ قرر المقيم البريطاني في الخليج المدعو (Lewis Pelly) تولى بين 1862 – 1872، أن يستبدل الطريقة المتعارف عليها في تعيين الوكلاء البريطانيين، بأن يلجأ إلى الاستعانة بالعرب من الساحل الغربي للخليج. ويعد الحاج جاسم المعروف بأبوالقاسم أطول الوكلاء البريطانيين مدة في هذا المنصب طوال تاريخ تأسيسه في الخليج عموماً، فقد قضى به ابوالقاسم حوالي 20 سنة.

محمد حميد السلمان

محمد حميد السلمان

ما يهمنا في هذه القضية هو ذاك التوجه لتعيين وكيل بريطاني من سكان البحرين الأصلاء بدلاً من ابوالقاسم، فجاء اختيار الحاج إبراهيم بن محسن بن رجب ليقوم بهذه المهمة الشاقة، ولم يبرر المقيم (بيلي) أسباب هذا التغيير في نظام الوكلاء المحليين، ولكن ربما يعود ذلك كما يذكر (جيمس

أونلي) أن المقيم السياسي البريطاني آنذاك أراد تعيين وكيل محلي من أهل البلاد الأصليين له تأثير كبير في تجربة الحقوق الاقليمية الحديثة التي حصلت عليها البحرين بموجب الاتفاقية السابقة.

ومن واقع الذاكرة الجمعية للعائلة نستخلص أن عائلة بن رجب تعود في أصولها الأولى إلى منطقة الحجاز بغرب شبه الجزيرة العربية. وبن رجب اليوم في البحرين هم المنحدرون من سلالة رجل الدين العالم الشيخ محمد بن حسن بن رجب. وعاش هذا الشيخ العالم في البحرين في القرن السادس عشر للميلاد أي منذ نحو 500 سنة. وفي وقت ولادة إبراهيم بن رجب كانت عائلة آل رجب قد اشتهرت بأنها أغنى عوائل التجار في المنامة. ولذا فقد أرسلته العائلة في مطلع حياته إلى مدرسة خارجية في مدينة مومبي لتلقي العلم هناك باعتبار أن العائلة كانت لها علاقات تجارية واسعة جداً مع البيوت التجارية الهندية في تلك الفترة. وبقي إبراهيم هناك حتى سن البلوغ عند الصبيان وحصل على مستوى جيد في اللغة الانجليزية. ومن المحتمل انه خلال تلك الفترة أيضاً اكتسب بعض الخبرات من الإنجليز في الهند. وعاد إلى البحرين ليتسلم أمور العائلة التجارية بكاملها نحو عام 1850. وخلال عشر سنوات فقط، أي مع بدايات العام 1860، أضحى أغنى تجار البحرين قاطبة. وكمؤشر على ذاك الغنى هو تلك الأراضي الواسعة البديعة بنخيلها ومائها العذب التي كان يمتلكها في منطقة الجفير.

وبسبب دراسته في الهند واطلاعه على أحوالها خلال الفترة الانجليزية بها؛ واتساع علاقاته الاجتماعية والتجارية مع عموم أهل البحرين بجميع طوائفهم ومللهم؛ جعلت المقيم السياسي (بيلي) في الخليج يفاتحه ذات يوم من العام 1862 في أن يتولى وظيفة الوكيل البريطاني في البحرين براتب سنوي قدره آنذاك 960 روبية، وكان يعتبر راتباً جيداً. وبهذا التعيين أصبح الحاج إبراهيم بن رجب أول وكيل بريطاني بحريني أباً عن جد ومن سكان جزر البحرين حيث درجت المقيمية البريطانية في الخليج منذ نشأتها على تعيين وكلاء لها في الخليج والبحرين من العرب أو الفرس المقيمين في الساحل الشرقي من الخليج.

تولى الحاج إبراهيم بن رجب المنصب لفترة قصيرة نحو عامين فقط بسبب عوامل خارجية ليس للحاج إبراهيم علاقة بها. ذلك أنه لسوء الحظ خلال السنة التي عُين فيها تم تقليص نفقات الوكلاء المساعدين للمقيمية البريطانية في الخليج من قبل حكومة الهند البريطانية الاستعمارية. أضف إلى ذلك أنه في العام التالي 1863، قام مكتب الهند البريطاني، ربما لتقليل النفقات العسكرية، بتفكيك الاسطول البريطاني في الخليج وسحبه مع جنود البحرية إلى الهند. ووضع برنامج لزيارة البحرية البريطانية للبحرين في العام مرة واحدة فقط. أما قيادة أسطول الخليج فبقيت في الترسانة البحرية في مومبي تحت الطلب إذا تمت الحاجة إليها في الخليج في الحالات الطارئة.

ولم تكن المقيمية سعيدة بهذه التغييرات التي ستُفقدها الوكلاء المساعدين لها في الخليج، ولذا قررت إجراء بعض التغييرات في منصب الوكيل برواتب مجزية أكثر وأعمال إضافية. إلا الحاج إبراهيم بن رجب لم يواصل عمله في الوظيفة بل بقي في البحرين حتى العام 1869 حين عاد لمومبي فجأة. يتبع…

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3853 – الثلثاء 26 مارس 2013م

معرفي: تاجر السلاح الكويتي ذو العلاقات المتشعبة

 

صور لابن التاجر اسماعيل، فحفيده جاسم اسماعيل، وثلاثة من أبناء عمومته

صور لابن التاجر اسماعيل، فحفيده جاسم اسماعيل، وثلاثة من أبناء عمومته

 بقلم عبد الله المدني

اسمه مركب كعادة أهل الكويت العجم وسكان عربستان وبلاد فارس وهو «محمد علي» وعائلته هي معرفي، وهو الآخر اسم مركب» يعني «محمد رفيع». وهذه العائلة تعود الى عشيرة او قبيلة القنواتية المتواجدة في عربستان الجنوبية. وينقسم القنواتية إلى ثلاثة أقسام متواجدين حاليا في إقليم عربستان وهي: القسم الاول المتواجد على اطراف بهبهان ويتكلمون الايرانية فقط، والقسم الثاني المتواجد في ماهشهر ويتكلمون العربية والايرانية، والقسم الثالث المتواجد في مدينة كوت عبدالله بالاحواز ويتكلمون العربية فقط.
وينتمي محمد علي معرفي إلى القسم الثاني، وقد هاجرت عائلته إلى الكويت من ماهشهر في حدود سنة 1708. أما هو فقد ولد في حي معرفي بالكويت في 1842، وتوفي في 1937 عن 95 عاما. أنجب معرفي ثلاثة من الأبناء هم: إسماعيل المولود في 1870 والمتوفي في 1930، وإبراهيم المولود في 1874 والمتوفي في 1912، وصالح المولود في 1894 والمتوفي في 1951.
اشتغل الرجل في تجارة السلع والمنتجات هندية المنشأ كالأخشاب والأرز والبهارات والحنطة، حيث كان قد ورث عن والده مكتب مسقط الذي لعب دورا كبيرا في الاتصال بالهند وسائر موانئ الجزيرة العربية في أوائل القرن العشرين تحت إشراف ابن خاله «حجي نجف بن غالب». لكن معرفي عرف تحديدا كتاجر متخصص في استيراد السلاح. ومما هو مذكور في سيرته طبقا لما ورد في الموقع الإلكتروني لديوان محمد علي معرفي أن الرجل عين ابنه إبراهيم وابن أخيه عبدالمحسن كمسؤولين عن تجارة السلاح في مسقط. وبعد أن توفي إبراهيم آلت مسؤولية عموم تجارته إلى إبنه الآخر إسماعيل الذي نماها ووسعها.
Continue reading →

جواد الرمضان بين ابداعين: حياكة البشوت والتأريخ

scan0064

scan0066

القرامطة

unnamed35

بقلم كامل الخطي

نشر المستشرق الهولندي ميكال يان دي خويه (De Goeje) رسالته عن قرامطة البحرين عام ١٨٦٢، ثم أعاد النظر في رسالته، واستدرك بعض أخطائه، وعدل بعض مواقفه السابقة على ضوء ما استجد من الأبحاث، وما نشر من المصادر الهامة. وقد صدرت الطبعة الثانية من رسالته عام ١٨٦٦، وكانت أشمل من الطبعة الأولى، حيث بذل دي خويه جهوداً خارقة للوقوف على كافة المصادر التي توفرت له حينذاك، والتي احتوت على نُتَفٍ من تاريخ القرامطة على اتساع المساحة الزمنية والرقعة الجغرافية اللتين تواجد فيهما ومن خلالهما القرامطة.
حظيت هذه الرسالة بالتفاتة عربية في سبعينيات القرن العشرين، فقام بتحقيقها وترجمتها الباحث اللبناني حسني زينه، وصدرت الطبعة العربية الأولى عن دار ابن خلدون البيروتية عام ١٩٧٨.
اقتات الباحثون العرب الذين تصدوا لدراسة الحركة القرمطية على هذه الرسالة بعد صدورها محققة ومترجمة إلى اللغة العربية. بل أن جامعات عريقة في مصر والمشرق العربي قد منحت درجات أكاديمية عليا لطلبة قدموا رسائلهم من إعادة تدوير فتات مائدة هذا المستشرق الهولندي، وعمله المترجم. أبرز الذين اقتاتوا على هذه المائدة، ونالوا شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة لقاء تقديمهم الفضلات المدورة لهذه المائدة العلمية، محي الدين اللاذقاني الذي شغل منصب رئيس القسم الثقافي في صحيفة الشرق الأوسط لفترة طويلة من الزمن.
وقت منح جامعة القاهرة شهادة الدكتوراه إلى محي الدين اللاذقاني لقاء رسالته المعنونة “ثلاثية الحلم القرمطي”، كانت أعمال الباحث المتخصص في التاريخ الإسماعيلي، ومؤسس معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن، الدكتور فرهاد دفتري، قد انتشرت وأصبحت أساسية في الأوساط المتخصصة. زلزل فرهاد دفتري سكون عالم البحث في التاريخ الإسماعيلي، ومنه، تاريخ القرامطة، والدروز، وأدخل شكوك علمية رفيعة المستوى على ما اعتبر مسلمات في مدارس الاستشراق، ونسف تسمية “الحشاشين” التي ارتبطت بفدائيي قلعة أَلَموت الملتزمين بضوابط الحسن الصباح في التربية والتدريب والإخلاص في العقيدة، وانسحبت التسمية على الفدائيين الإسماعيليين في جبال سوريا الذين دانوا بولاء مطلق لشيخهم، شيخ الجبل، راشد الدين سنان. ناقش فرهاد دفتري، أيضاً، وبشمولية، غالبية النتائج التي توصل إليها المستشرق الفذ لويس ماسينيون، وفتح بنقاشه مقولات ماسينيون واستنتاجاته، الباب على مصراعيه لجيل جديد من المستشرقين الذين صبوا جهودهم على تصويب الأخطاء التي وقع فيها أسلافهم.
كل هذا يدور في الغرب، بينما الحركة القرمطية جزء من التاريخ الإسلامي، وأسست وحكمت إمارات ودوّل ضمن الجغرافيا العربية-الإسلامية، وشكلت قبائل عامر بن صعصعة العربية القحة، العمود الفقري لجيش قرامطة القطيف والأحساء. زالت إمارة القرامطة من القطيف والأحساء على يدِ إمارة عربية أخرى، وهي إمارة العيونيين.
كل هذه العروبة في التاريخ والجغرافيا، وكل هذا الإسلام في نشأة الإسماعيلية، ومن ثم تفرعاتها وانشقاقاتها، وتبديعها، وتكفيرها من قبل باقي المسلمين، لم يكن كافياً لأن يدفع الباحث العربي ليكون المصدر العلمي الأول لتاريخ هذه الحركة الذي لا يزال يسكن الغموض جانبه الأكبر، وما انكشف وانجلى من هذا الغموض، سوى الجانب الذي غطاه المستشرقون بالبحث والدرس.

الوعي بالآثار… نواب ومثقفون ومواطنون: «الحي أبقى من الميت»… والتوعية غائبة

أعمال التنقيب في موقع قلعة البحرين- (أرشيفية)

أعمال التنقيب في موقع قلعة البحرين- (أرشيفية)

كتب – محمد العلوي

بعد مرور 45 عاماً على تأسيس قسم الآثار في مملكة البحرين، بلد الحضارات المممتدة لأكثر من 4 آلاف عام، «لايزال الوعي الشعبي يعاني من تدنٍ في مستواه»، كما يؤكد المختصون.

يبرهن على ذلك، تناغم موقف عدد من النواب مع رأي نخبة مثقفة ومواطنين، والذي يتكئ في مجمله على المثل الشعبي الشهير «الحي أبقى من الميت»، في إشارة إلى النداءات المستمرة حتى اليوم والداعية إلى إزالة مواقع أثرية واستبدالها بمشاريع سكنية.

يتصدر ذلك، الدعوة لإزالة تلال عالي الأثرية، والتي لاتزال تنتشر على مساحة جغرافية شاسعة في البحرين، حتى بعد إزالة عدد كبير منها وبناء مساكن فوق أنقاضها، كما حصل في مناطق عدة من بينها مدينة حمد وعالي.

وسط كل ذلك، تبرز مطالبات لعدد من المختصين، تنادي بضرور قيام الجهات الرسمية والأهلية المعنية بدورها التوعوي في هذا الجانب، وذلك من خلال تدشين حملات للتوعية وتنفيذ البرامج الخاصة بذلك.

بدورها تواصلت «الوسط»، مع هيئة البحرين للثقافة والآثار، للحصول على تعقيب بهذا الشأن، دون الخروج بنتيجة حتى ساعة تحرير التقرير.

وبحسب تأكيدات المختصين، فإن تدني الوعي الشعبي هذا، كان أحد الأسباب الرئيسية في خسارة جزء كبير من تاريخ وتراث البحرين، في إشارة مباشرة لإزالة مواقع أثرية، وهدم بعضها بما في ذلك المساجد القديمة وبنائها من جديد.

من جهته، قال رئيس مجموعة أصدقاء دلمون ميرزا النشيط «هنالك اتفاق بعدم وجود الوعي الكافي بحضارة دلمون وأهميتها، وللأسف فإن المطالبات بإزالة التلال الأثرية انطلقت منذ 10 سنوات ومازلنا نسمعها حتى اليوم، في دليل واضح على استمرار تدني الوعي وعلى الحاجة لحملات التوعية».

وأشار النشيط إلى حديث عالم السلالات البشرية برونو، وهو أميركي الجنسية، والذي يقدم شهادة على القيمة التاريخية لهذه التلال، عبر قوله «لديكم قبور أثرية، عمرها 4 آلاف عام، وتزيلوها في 4 أيام».

ونوه النشيط إلى الدور الذي يمكن لجمعية تاريخ وآثار البحرين، أن تقوم به في هذا الصدد، موضحاً أن دور الجمعية لا يقتصر على التوثيق وإصدار الكتب، بل يجب أن يمتد لممارسة دور فاعل في سبيل الحفاظ على كل موقع أثري، وذلك عبر توعية المواطنين والتواصل مع مجلس النواب للدفع قدماً باتجاه الحفاظ على آثار البحرين.

كما لفت إلى إمكانية تحويل التلال الملكية المهملة والموجودة وسط البيوت في قرية عالي، إلى مواقع تجتذب السياح لتمثل مصدر دخل جديد للأهالي بما يقنعهم وبصورة مباشرة، بجدوى بقاء هذه المواقع.

وفي سياق الاستدلال عن تدني الوعي حتى لدى طبقات مثقفة، قال النشيط: «المعلمون هم أحد أهم عناصر الطبقة المثقفة في أي بلد، وذات مرة كنت برفقة سياح أجانب، فإذا بأحد معارفي وهو معلم، يتساءل بسخرية: ماذا لدينا، كي تريهم؟».

وأضاف «بالتأكيد نحن لا نعمم، فلمعلمينا كل الاحترام والتقدير، لكن ذلك لا يلغي الواقع السيئ الذي يجب تبيانه والكشف عنه».

بدوره، قال الباحث جاسم آل عباس: «سأقولها بصراحة: من يطالب بإزالة الآثار لبناء البيوت عليها سواءً من النواب أو المواطنين، هو أحد فئتين، فئة تفتقر للثقافة والرشد، وأخرى ينقصها الحس الوطني».

وأضاف «هنالك أهمية بالغة لإدراك أهمية المواقع الأثرية، فالبحرين بوضعها الحالي تمتلك مستوى معينا من التنقيب الذي جرى على بعض المواقع، ومستقبلاً، هنالك توقعات بتطور تقنيات التنقيب، وهذا بدوره سيجعلنا في حاجة ماسة لاستمرار الحفاظ على هذه المواقع».

وتابع «في حال تم جرف هذه المواقع، فإن تاريخنا سيذهب دون رجعة، وهذا الأمر سيشكل خطورة كبيرة حيث سيؤدي إلى فقدان المزيد من الفترات التاريخية، والتي لايزال بعضها مجهولا، بل إن الجيل المقبل لن يجد شيئاً، في حال أراد استكشاف أسرار تلك الفترات».

وعن دور الجانب الرسمي، قال: «وظيفة هيئة البحرين للثقافة والآثار تتمثل في التنقيب وهي ليست سلطة تنفيذية، لكن ذلك لا يعفيها من مسئولية القيام بحملات لتوعية المواطنين بأهمية الآثار ووجوب المحافظة عليها»، لافتاً إلى أن بعض الفلل قائمة على قبور أثرية تعود لفترتي تايلوس ودلمون.

وأشار إلى أن على حملات التوعية أن تنبه الناس إلى الأراضي غير الأثرية، والممكن استثمارها لإقامة المشاريع الإسكانية عليها، بدلاً من حصر التفكير في المواقع الأثرية ودفن السواحل التي هي أيضاً ثروة وطنية يتوجب عدم التفريط بها.

ونوه إلى أن البحرين بحاجة لـ 35 كيلومترا مربعا لحل أزمتها الإسكانية، وهذه المساحة متوفرة في المحافظة الجنوبية، كما أن بعض الجزر قادرة على احتضان ذلك.

وعن دورهم كجهات أهلية، قال آل عباس: «مارسنا على مدى سنوات دوراً توعوياً بالإمكانات المتاحة لدينا، وأعتقد أن «الوسط» كان لها الدور المشهود في هذا الصدد، تحديداً في الضغط من أجل تسجيل موقع قلعة البحرين على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو».

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4745 – الجمعة 04 سبتمبر 2015م

كتب آل عصفور ومكتبة الشيخ الماحوزي

notes: Very shallow depth of field taken with 50mm/f1.2. Focus on pages of book and finger tip. | release references: mr2.jpg | release status: MR | date created: 2008:04:12 | notes: Very shallow depth of field taken with 50mm/f1.2. Focus on pages of book and finger tip. | release references: mr2.jpg | release status: MR

بقلم وسام السبع

أعتقد بأن أغلب تراث البحرين العلمي لم يتم نفض الغبار عن أكثره، ولم يُتح له أن يرى النور، فمجال الاهتمام بالتراث البحريني المخطوط مجال صعب وميدان رحب، والمهتمون به قليلون وقليلون جداً، ومن هذا القليل الشيخ إسماعيل الكلداري الذي يعود له فضل مساعدة عدد كبير من المحققين والباحثين من داخل البلد وخارجها، في سبيل نشر وإخراج عدد من الكتب المخطوطة التي بذل في سبيل الحصول على مستنسخاتها جهوداً مضنية، وأنفق في ذلك وقتاً ليس بالقليل.

والشيخ إسماعيل واحدٌ من الذين يعملون بصمت وله جَلَد وصبر عجيب في هذا السبيل، ومن المخطوطات القيّمة التي يعود له الفضل في إخراجها رسالة للشيخ شرف الدين محمد مكي العاملي الجزيني من علماء القرن الميلادي الثامن عشر (الثاني عشر الهجري)، الذي زار البحرين وأقام بمنطقة البلاد القديم عامين، ودوّن عن علماء البلاد نصّاً ضمّنه الكثير من المعلومات التاريخية المنفردة، وهو يتهيأ لنشر نصّ العاملي محققاً، وأتمنى أن يكون ذلك قريباً.

46

وسام السبع

ميدان المخطوطات في البحرين ميدان مُهمل إلى حد كبير، ويفتقر إلى المؤهلين تأهيلاً متخصصاً، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على طبيعة الإنتاج العلمي المرتبط بالتراث المخطوط على المستوى الكمي والنوعي، فحصة التراث البحريني من النشر العلمي قليلة، وهذا القليل لم يحظ بالتحقيق والإخراج الذي يتناسب مع أهميته عدا النزر اليسير الذي خرج بجهود مؤسسات ومراكز علمية في إيران والعراق التي بذلت قسطاً كبيراً وعناية عظيمة بالتراث العربي والإسلامي. وكان من حظ التراث البحريني أن صار إلى يَدّ تحترم العلم وتقدّر أهمية ذخائر التراث الإنساني وتعطيه التقدير اللائق وإلا لكان ضاع واندثر.

ولعل من أوائل الجهود التي أعطت للمخطوطة البحرينية عناية واهتماماً من خلال الفهرسة، أولى مراتب العناية بالتراث المخطوط، ما بذله الباحث علي أبا حسين المدير السابق لمركز الوثائق التاريخية، عندما أصدر المركز مطلع ثمانينات القرن الماضي «فهرس مخطوطات البحرين» في جزأين. ولقد بُني عمل أبا حسين في «الفهرس» على مسح شامل لما تضمنته دار المخطوطات والوثائق التابعة لإدارة الآثار والمتاحف في العام 1976، وبعض المكتبات الخاصة (31 مكتبة خاصة)، وجاء ذلك تزامناً مع تنامي دعوات معهد المخطوطات التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم للعناية بالمخطوطات في البلدان العربية.

على أن الثروة البحرينية من المخطوطات تتجاوز بكثير ما تمكّن أبا حسين من جمعه وتوثيقه، فالفهرسة مشروع مفتوح أمام بوابة الزمن، و»الاستدراك» بابٌ من أبواب العلم برع فيه علماء المسلمين وأكثروا التصنيف فيه منذ القِدَم. ويُصوّر لنا الشيخ العاملي في رسالته عن علماء البحرين واحدةً من كبرى المكتبات الخاصة في القرن الثامن عشر الميلادي (12 الهجري) وهي مكتبة الشيخ يوسف آل عصفور (ت 1773م/ 1186هـ) ويقول: «وقد احتوت خزانة كتبه على نحو 10 آلاف كتاب، ونقل لي بعض الطلبة قال ربما كان عنده في شيراز نحو 20 ألف كتاب، وقد أصيب بهذه الكتب مع ما أصاب أهل شيراز من النوازل والمصائب التي يطول ذكرها».

والعاملي يتحدث هنا عن مكتبة الشيخ يوسف في كربلاء، وهو الذي تناهبته المهاجر ولم يترفق به الزمان إلاّ أواخر عمره. وذكر أنها حوت نحو 10 آلاف كتاب، أما مكتبته التي في شيراز فيقول أنها ضمت نحو 20 ألفاً، هذا غير تلك الكتب التي كانت في حوزة العائلة إبان إقامتها المتقطعة في البحرين وضاع منها الكثير من الكتب على ما نفهمه من كلامه في «لؤلؤة البحرين». وعلى رغم ذلك فإن 30 ألف كتاب يُعدّ رقماً ضخماً بالنسبة لمكتبة خاصة حتى بمقاييس عصر الكتاب المطبوع. ولا شك في أن هذه المكتبة كانت حصيلة ميراث العائلة العلمي الذي يمتد لأكثر من 4 قرون.

ومن أشهر المكتبات الشخصية التي عرفتها البحرين في عصر الكتاب المخطوط مكتبة الشيخ سليمان الماحوزي، الفقيه الموسوعي، ويحدثنا صديقه الرحالة الإيراني الشيخ عبدالله الأفندي الأصفهاني (ت 1718م/ 1130هـ) عن جانبٍ من مقتنيات هذه المكتبة التي وقف أمامها مشدوهاً لما كانت تزخر به من نفائس الكتب. كما كانت تحوي النسخ المتعددة من الكتاب الواحد، وهذا يذكّرنا بما كانت عليه كبرى المكتبات التي عرفتها الحضارة الإسلامية في بغداد العباسية والقاهرة الفاطمية.

وقد دوّن الأفندي أثناء زيارته البحرين في القرن السابع عشر الميلادي (11هـ) شيئاً يسيراً من التراث العلمي المخطوط في البحرين في كتابه «الفوائد الطريفة»، هو فقط ما سمحت به ظروف إقامته المؤقتة وسفره الدائم أن يراه ويقف عليه، والذي يخرج منه قارئ نص الأفندي أن أغلب ما كتبه حول مخطوطات البحرين هو من مقتنيات الشيخ الماحوزي الذي كان جمّاعة مذهلاً للكتب، وهذا ما خرجتُ به من انطباع عندما قرأتُ كشكوله الكبير «أزهار الرياض»، الذي حاولت أن أحصي مصادره التي اعتمد عليها في كتابه فوجدتها تزيد عن 350 مصدراً.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4742 – الثلثاء 01 سبتمبر 2015م

مرايا التراث

في تاريخ وتراث البحرين